ولا يصحّ الإحرام بنُسُكين معاً ، ولا على الترديد ؛ لعدم تشخّص المنويّ وتميّزه من كلّ وجه ، فيكون عامّاً بوجه فيتعذّر بروزه في خارج الزمان ، فيكون العمل الذي يأتي به غير المنويّ بحسب الحقيقة. والأدلّة على وجوب قصد العمل المتميّز المتشخّص من كلّ وجه في النيّة من الكتب الثلاثة أكثر من أن يحصرها فكري.
ولو نسي وشكّ بعد تيقّن الإحرام بماذا أحرم؟ فإن كان قد وجب عليه نُسُك معيّن صرفه إليه إن كان إحرامه في وقت يصحّ فيه الإحرام به ؛ عملاً بالظاهر.
وإن لا يكن في ذمّته نُسُك ، فإن كان في أشهر الحجّ تخيّر ، والأحوط الأوْلى أن يأتي بعمرة التمتّع وحجّه ما لم يكن قد تضيّق الوقت عن أدائهما تامّين ، وإلّا تخيّر بين الثلاثة ؛ لعدم الترجيح لا لمرجّح ، واستحالة نُسُكين في إحرام واحد ، والتكليف بما لا يطاق ، ووجوب التخلّص من كونه محرّماً.
فلو اختار أن يفعل واجبات المفردة مثلاً فالأحوط الأوْلى ألّا يعدل عنه إلّا إن كان من المفردة إلى المتمتّع بها ، بل لزومه حينئذٍ في غير ذلك غير بعيد.
ولو أحرم بما أحرم به فُلان لم يصحّ وإن ظنّ نُسُكه ظنا متاخماً للعلم ؛ لأنا نشترط معلوميّة المنويّ في الجملة وتشخّصه من كلّ وجه.
نعم ، لو كان المحرم معصوماً صحّ ذلك منه ؛ لعلمه اليقينيّ بما أحرم به زيد وتشخّصه عنده بكلّ وجه ، كما وقع لأمير المؤمنين مع النبيّ صلّى الله عليهما وآلهما المقدّسين فإن النبيّ صلىاللهعليهوآله عالم بما يحرم به عليّ عليهالسلام ، بل هو الآمر له به ؛ ولذا ساق عنه البدن. وعليّ عليهالسلام عالم بما أحرم به النبيّ صلىاللهعليهوآله ؛ لأنه باب علمه (١). وكذا لو أخبر الناسك المعصوم بنسك زيد صحّ الإحرام بما أحرم به ، لكنّه خارج فيهما عن فرض المسألة داخل في المعلوم المتشخّص.
ويستحب النطق بالنيّة ، بل سمّي النطق بها إحراماً وفرضاً للمنويّ في أخبار كثيرة مجازاً. والإحرام الشرعيّ حقيقة هو النيّة والتلبيات الأربع. وقد نطق بأن
__________________
(١) الفقيه ٢ : ١٥٣ / ٦٦٥ ، وسائل الشيعة ١١ : ٢٣١ ، أبواب أقسام الحجّ ، ب ٢ ، ح ٢٥.