ودعوى أن الحجر كان من الكعبة وإنما أخرجه قريش لمّا أعوزتهم الآلات في بنائها دعوى لم تصحّح ببرهان ، بل هي خلاف النصوص الصريحة. ولو كانت صحيحة لدلّ الشارع عليها ببيان ، بل لردّها الرسول صلىاللهعليهوآله وأئمّة المسلمين إلى ما كان ، ولو كان تركهم للتقيّة لدلّوا على أنه كذلك ، وأن القائم عجّل الله فرجه سيردّها إلى ما بناه إبراهيم عليهالسلام.
ولمّا لم يكن من أهل البيت عليهمالسلام إشارة إلى هذه الدعوى بوجه ، بل دلّوا على خلافها علم بطلانها ، وحديث عائشة (١) أوهى من بيت العنكبوت ، مع أنه صرّح بأن منه ستّة أذرع من البيت خاصّة. فعليه يكون مبدأ مسافة المطاف منها لأمن آخر الحجر ؛ ولم يقل به أحد.
وأيضاً العصابة مجمعة على أنه يجب أن يكون الطواف خارج البيت كلّه وداخلاً عن المقام كلّه ، فلا يجوز الطواف خلف المقام من جميع نواحي البيت ، كما يدلّ عليه خبر محمّد بن مسلم : سألته عن حدّ الطواف بالبيت ، الذي من خرج منه لم يكن طائفاً بالبيت قال كان الناس على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله يطوفون بالبيت والمقام ، وأنتم اليوم تطوفون بين المقام وبين البيت ، فكان الحدّ موضع المقام اليوم فمن جازه فليس بطائف ، والحدّ قبل اليوم واليوم واحد قدر ما بين المقام وبين البيت من نواحي البيت كلّها ، فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعد من مقدار ذلك ، كان طائفاً بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد ؛ لأنه طاف في غير حدّ ولا طواف له (٢).
وظاهر العصابة الإطباق على العمل به ، إلّا ما ينقل عن ابن الجنيد (٣) وظاهر الصدوق (٤) من جواز الطواف خلف المقام للضرورة من شدّة زحام وشبهه. والظاهر
__________________
(١) انظر : تذكرة الفقهاء ٨ : ٩١ / المسألة : ٤٥٨ ، المجموع شرح المهذّب ٨ : ٣٦.
(٢) الكافي ٤ : ٤١٣ / ١ ، وسائل الشيعة ١٣ : ٣٥٠ ، أبواب الطواف ، ب ٢٨ ، ح ١.
(٣) عنه في مختلف الشيعة ٤ : ٢٠٠ / المسألة : ١٥٤ ، مدارك الأحكام ٨ : ١٣١.
(٤) عنه في مدارك الأحكام ٨ : ١٣١.