أنه منقطع ، وعمل الأُمّة في سائر الأعصار على خلافه ، فلا شبهة في وجوب كون الطائف يجب أن يكون أقرب إلى البيت من المقام في جميع طوافه.
وبهذا يظهر لك فساد ما قاله الشهيد الثاني في روضته في شرح قول الأوّل في بحث شرائط الطواف : ( والطواف بينه وبين المقام ). قال الشارح ـ : ( حيث هو الآن ، مراعياً لتلك النسبة من جميع الجهات ، فلو خرج عنها ولو قليلاً بطل ، وتحتسب المسافة من جهة الحجر من خارجه وإن جعلناه خارجاً من البيت ) (١) ، انتهى.
وفساده من وجهين :
الأوّل : أنه يستلزم الطواف خلف المقام ، إذ لا ريب أنه حينئذٍ يطوف في دائرة يزيد نصف قطرها على نصف قطر الدائرة التي يطوف فيها من الجهات الثلاث الأُخر ، بقدر ما بين الشاذروان إلى منتهى حائط الحجر. فإذا كانت الدائرة التي يطوف فيها من الجهات الثلاث يماسّ محيطها محيط المقام كما هو المتيقّن كان محيط الدائرة التي يطوف فيها من جهة الحجر لا يماسّ محيطها شيئاً من المقام بالضرورة. وعليك بتأمّل هذا الشكل تستعن به (٢).
__________________
(١) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ٢ : ٢٤٩.
(٢) لم يرد في المخطوط شكل ( جدول ) ، بل كان هناك مساحة ما يقارب خمسة أسطر ملئت بعبارة كتبت وبقلم مغاير لقلم المخطوط ، وبأسطر شذّت عن سطوره. ولمغايرة قلم هذه العبارة ارتأينا أن نضيفها إلى الهامش ، وإليك نصّ العبارة : ( اعلم أنه ذكر لي ثقة أمين أنه ذرع ما بين الصندوق الموضوع على حجر المقام وبين الشاذروان ، فكان ذرعُه خمسةً وعشرين ذراعاً شرعياً ونصف ذراع ، وأنه ذرع ما بين الشاذروان إلى آخر جدار الحجر فكان عشرين ذراعاً.
وقال الشيخ محمّد ابن الشيخ حسن أبي محلّى ساكن الفرع من الحجاز في منسكه : إنه اعتبر الباقي بعد جدار الحجر من ذرع ما بين البيت والمقام ستة أذرع ونصف ذراع تقريباً ، ولعلّهُ خمسة وعشرون ونصف ، وغلط الناسخ ، أو أن ما بين ظاهر الصندوق إلى نفس حجر المقام ذراع.
ونقل الشيخ محمّد المذكور عن النووي في ( تهذيب الأسماء واللغات ) (١) أنه سبعة. ولعلّ النووي أدخل الشاذروان في السبعة ، والله العالم ).
__________________
(١) تهذيب الأسماء واللغات ٣ : ١٥١.