يحلّ عليه ما يتوقّف حلّه على فعله إلّا بالإتيان به. لا نعلم في ذلك كلّه خلافاً ، وفهمه من الأخبار غير عزيز.
بقي الكلام في أنه متى يتحقّق ، وبما يتحقّق الترك ، فنقول : أمّا الحجّ ، فيتحقّق ترك الطواف فيه بخروج ذي الحجّة. وأمّا العُمرة المتمتّع بها. فيضيق الوقت عن الإتيان بها أجمع مع إدراك الوقوف بعرفة من الزوال إلى الغروب. ولا يكفي إدراك جزء إن كان الترك عمداً اختياراً ؛ لتحقّق ترك الواجب حينئذٍ اختياراً ، ولعدم صلاحيّة الزمان لها اختياراً ، وللنهي عنه اختياراً. وللأمر بالوقوف حينئذٍ وبالاشتغال بالعمرة حينئذٍ يتحقّق ضدّه العامّ ، ويحتمل الاجتزاء حينئذٍ بمسمّاه وإن أثم. وإن كان نسياناً تحقّق بضيق الوقت عن العُمرة والمجزي من اختياريّ عرفة.
فإذا تحقّق ترك طوافها ؛ فإن كان عمداً بطلت عمرته ، ولا يصحّ حجّة ؛ لأن حجّ التمتّع لا يكون بدون عمرة التمتّع قبله ، لكنّه لا يكون الناسك بذلك مُحلّاً ، ولا يخرج من إحرامه بمعصيته ؛ لأن الشارع لم يعدّها من المحلّلات لما حرّمه الإحرام ؛ لحصرها في أفعال معيّنة ليس هذا منها.
والعبادات كيفيّات متلقاة ، ولأن الأصل والاستصحاب [ يقتضيان (١) ] بقاء منعه من محرّمات الإحرام ؛ فيجب عليه حينئذٍ العدول إلى العُمرة المفردة ، كما هو الأشهر الأظهر ، أو ينقلب نُسُكه مفردة ولو لم ينوِ العدول على قول ، ويتحلّل بالإتيان بأفعالها و ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلّا وُسْعَها ) (٢) ، وإلّا بما يجعل لها منه المخرج ، وبقاؤه محرماً أبداً عسرٌ وحرجٌ لا يطاق.
هذا ، وقد أطبقت العصابة على أن من أحرم بعمرة التمتّع ، ولم يدرك الإتيان بها مع الحجّ وجب عليه العدول إلى حجّ الإفراد. فإن لم يدركه وجب العدول إلى العمرة المفردة أو انقلب إحرامه إليها ولو لم ينوِ العدول ، وإنما يحلّ من إحرامه بإتيانه بأفعالها أو بأفعال حجّ الإفراد ، وما نحن فيه كذلك ، إلّا إنه فوات اختياريّ ، وإحلاله
__________________
(١) في المخطوط : ( يقتضي ).
(٢) البقرة : ٢٨٦.