ونقل الإجماع عليه مستفيض ، إلّا فيما لو أحرم بالحجّ قبل التقصير من المتعة ناسياً ، فإنه يصحّ إجماعاً ؛ إمّا لأن التقصير ليس بنُسُك وإنما هو محلّل ، وإمّا لقيام الدليل من النصّ والإجماع.
وإنما وقع الخلاف فيمن أحرم بالحجّ قبل التقصير من إحرام المتعة متعمّداً ، فعن الشيخ (١) وتبعه جماعة (٢) أنه ينقلب حجّه إفراداً وتبطل متعته.
وعن ابن إدريس أنه قال : ( أُصول المذهب والأدلّة تقتضي إلّا ينعقد إحرامه بحجّ ؛ لأنه بعد في عمرته لم يتحلّل منها. وقد أجمعنا على أنه لا يجوز إدخال الحجّ على العُمرة ولا العُمرة على الحجّ قبل فراغ مناسكهما ) (٣) ، انتهى.
فإذا كان هذا ، فكيف يصحّ الإحرام قبل الطواف؟! قال السيّد في ( المدارك ) في شرح قول المحقّق : ( ولا يجوز إدخال أحدهما على الآخر ) (٤) ـ : ( بأن ينوي الإحرام بالحجّ قبل التحلّل من العُمرة ، أو بالعمرة قبل الفراغ من أفعال الحجّ وإن تحلّل ، فإن ذلك غير جائز عند علمائنا ونقل الشارح الإجماع (٥). ويدلّ عليه مضافاً إلى أن العبادات متوقّفة على النقل ، ولم يرد التعبّد بذلك قوله تعالى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ ) (٦) ، ومع الإدخال لا يتحقّق الإتمام. وصحيحة عبد الله بن سنان (٧) ذكرها وقال ـ : ومتى امتنع الإدخال وقع الثاني فاسداً إلّا أن يقع الإحرام بالحجّ بعد السعي وقبل التقصير من العُمرة ، فإنه يصحّ في المشهور وتصير الحجّة مفردة ) (٨) ، انتهى.
وقال بعد قول المحقّق : ( لا يجوز لمن أحرم أن ينشئ إحراماً آخر حتّى يكمل أفعال ما أحرم له. فلو أحرم متمتّعاً ودخل مكّة وأحرم بالحجّ قبل التقصير ناسياً ، لم
__________________
(١) المبسوط ١ : ٣١٦.
(٢) مسالك الأفهام ٢ : ٢٣٩ ـ ٢٤٠.
(٣) السرائر ١ : ٥٨١ ، باختلاف.
(٤) شرائع الإسلام ١ : ٢١٥.
(٥) مسالك الأفهام ٢ : ٢١١ ـ ٢١٢.
(٦) البقرة : ١٩٦.
(٧) الكافي ٤ : ٤٤٠ / ١ ، تهذيب الأحكام ٥ : ٩٠ / ٢٩٧.
(٨) مدارك الأحكام ٧ : ٢١٢ ـ ٢١٣.