والنهي في العبادات يقتضي الفساد. وبأن الإجماع منعقد على أنه لا يجوز إدخال الحجّ على العُمرة ، ولا العُمرة على الحجّ ، قبل فراغ مناسكهما.
وأُجيب عنه بمنع كون النهي مفسداً ؛ لرجوعه إلى وصف خارج عن ماهيّة الإحرام ، وبمنع تحقّق الإدخال ؛ لأن التقصير مُحَلّل لا جزءاً من العُمرة.
ويتوجّه على الأوّل أن المنهيّ عنه نفس الإحرام ؛ لأن التلبّس به قبل التحلّل من إحرام العُمرة إدخال في الدين ما ليس منه ، فيكون تشريعاً محرّماً ويفسد ؛ لأن النهي في العبادة يقتضي الفساد ، وإذا كان فاسداً يكون وجوده كعدمه. ويبقى الحال على ما كان عليه من وجوب التقصير وإنشاء إحرام الحجّ.
وعلى الثاني أن المستفاد من الأخبار الكثيرة المتضمّنة لبيان أفعال العُمرة كون التقصير من جملة أفعالها وإن حصل التحلّل به ، كما في طواف الحجّ وطواف النساء. وقد صرّح بذلك في ( المنتهى ) (١) مدّعياً عليه الإجماع وساق عبارته ثمّ قال : ( ومتى ثبت كون التقصير نُسُكاً تحقّق الإدخال بالتلبّس بإحرام الحجّ قبل الإتيان به ).
إلى أن قال : ( ومقتضى الأصل المصير إلى ما ذكره ابن إدريس إلى أن يثبت سند الروايتين ) (٢) ، انتهى.
وبالجملة ، فنقل الإجماع على عدم جواز إدخال نُسُك على نُسُك قبل إكمال الأوّل مستفيض. ولا ريب أن من أحرم بالحجّ قبل أن يطوف للعمرة المتمتّع بها ، فقد أدخل نُسكاً على نُسُك ؛ لأنه يعدّ محرماً بالعمرة ، لم يتحلّل من إحرامه ولم يكمل أفعال العُمرة. فكيف الجمع بين : صحّة الحجّ وعمرة التمتّع مع نسيان طوافها وعدم ذكر أنه قبل التلبّس بالحجّ ، مع تحقّق إدخال نُسُك الحجّ على نُسُك العُمرة قبل التحلّل منها ، بالإتيان بجميع أفعالها؟
__________________
(١) منتهى المطلب ٢ : ٧٠٩.
(٢) مدارك الأحكام ٧ : ٢٧٩ ـ ٢٨٣.