عند الاشتباه وفقدان الدليل على إرادة غير ما يقتضيه ؛ لأنهم عليهمالسلام إنما يخاطبون الناس بما يعقلون ويفهمون ؛ إذ لا تكليف إلّا بعد البيان ، ولا يمكن حصر ما أحالوا بيانه على العرف العام من الأحكام.
وفيه أيضاً أن دفع الإحالة على العرف العام بما بيّنوه في الأخبار المذكورة لا يظهر وجه ابتنائه على أن الخطابات الشرعيّة من قبيل الخطاب الشفاهيّ.
وقد بان بهذا جواب قوله حرسه الله ـ : ( على أنا نقول ) إلى آخره.
قد ظهر جوابه ممّا قرّرناه ، مع أن فيه : أن قول القائل بوجوب صرفها إلى الظاهر والاستعمال الشائع لا يبتني على أن أحاديثنا المرويّة في كتبنا ليست من الخطاب الشفاهيّ. على أنه إذا سلّم أن الظاهر والاستعمال الشائع في لفظ الولد خصوص ولد الصلب كان دليلاً على أنه الحقيقة ، وعلى أنه المراد من إطلاقات الأخبار ؛ لأنهم عليهمالسلام لا يخاطبون الناس إلّا بما يعقلون.
ولأنا لو سلّمنا أنه حقيقة فيهما ، وكان الظاهر والاستعمال الشائع اختصاصه بولد الصلب ، لزم منه أن استعماله في ولد الولد مهجور غير متعارف ، وإن كان حقيقة فيه فلا يحمل عليه إلّا بدليل ، فإن ثبت الدليل وجب قبوله ، وإلّا لم يجز صرف إطلاقات الأخبار إليه ؛ لهجرانه بين المخاطبين ، فلا يخاطبون بما لا يعقلون.
وأمّا أن العرف العام لا يعتمد عليه في مقام العلم بإرادة الشمول فحقّ. لكن لا علم بإرادة الشمول في مسألة الحبوة ؛ لا على وجه الحقيقة ولا على وجه المجاز ، بل العلم حاصل بتخصيصه بولد الصلب ؛ لأنه الموضوع الحقيقيّ له لغةً وعرفاً وشرعاً وعقلاً فيما علمنا.
فقوله حرسه الله تعالى ـ : ( وقد عرفت ممّا نبّهناك عليه ) ذلك دعوى بلا برهان ، لا نعرف ممّا ذكره ذلك ، حتّى إنه لم يحصل ممّا ذكره حرسه الله قرينة توجب العدول ، أو التوقّف عن صرف اللّفظ عن موضوعه ، أو توهّم الشمول في مسألة الحبوة ، فضلاً عن أن يكون ما ذكره دليلاً على ذلك.