زادوا عليها ؛ لأنها تعرف من يقوم بمصالحها ، وبما تحتاج إليه من الأسباب.
وصنف صاموا لأجل أنهم سمعوا أن الصوم واجب في الشريعة المحمّديّة ، فكان صومهم بمجرّد هذه النيّة ، من غير معرفة بسبب الإيجاب ، ولا ما عليهم لله جلّ جلاله من النيّة في تعريضهم لسعادة الدنيا ويوم الحساب. فلا (١) يستبعد أن يكونوا متعرّضين للعقاب.
وصنف صاموا وقصدوا بصومهم أن يعبدوا الله كما قدّمناه ؛ لأنه أهل للعبادة. فحالهم حال أهل السعادة.
وصنف معتقدون أن المنّة لله جلّ جلاله عليهم في صيامهم وثبوت أقدامهم ، عارفين بما في طاعته من إكرامهم وبلوغ مرامهم. فهؤلاء أهل الظفر بكمال العنايات وجلائل السعادات ) (٢).
وقال أيضاً قدّس الله روحه الطاهرة في تعداد وجوه تخدُش الإخلاص في النيّة للصوم أو تنافيه ، وأمراض نفسانيّة في التعبّديّة وعلاماتها ـ : ( ومنها : أن تعتبر صومك هل (٣) هو لمجرّد الثواب ، أو لأجل مراد ربّ الأرباب؟ فإن وجدت نفسك لولا الثواب الذي ورد في الأخبار وأنه يدفع إخطار النار ، ما كنت صمت ولا تكلّفت الامتناع بالصوم من الطعام والشراب والمسارّ ، فأنت قد عزلت الله جلّ جلاله عن أنه يستحقّ الصوم لامتثال أمره ، وعن أنه جلّ جلاله أهل للعبادة لعظيم قدره. ولو لا الرشوة والبرطيل ما عبدته ولا راعيت حقّ إحسانه السالف الجزيل ، ولا حرمة مقامه الأعظم الجليل ) (٤).
وقال أيضاً : ( اعلم أن الذي تجده في كتابنا هذا من فضل صلاة وصوم وتعظيم الثواب والإحسان ، فكلّه مشروط بالإخلاص ، ومن جملة الإخلاص من أهل الاختصاص ألّا يكون قصدك بهذا العمل مجرّد هذا الثواب ، بل تعبد به ربّ الأرباب ؛
__________________
(١) من « م » ، وفي « ن » : ( لئلّا ).
(٢) الإقبال بالأعمال الحسنة ١ : ١٨٦ ـ ١٨٩.
(٣) في المصدر : ( أن تعتبر هل صومك .. ).
(٤) الإقبال بالأعمال الحسنة ٣ : ١٩٤ ـ ١٩٥.