العقاب ، ففيه كلام. بل الشهيد : نسب إلى الأصحاب القول بعدم الصحّة وبطلان العبادة بها وبه قطع السيّد ابن طاوس. ونظرهم إلى أن ذلك ينافي كون العبادة خالصة لله تعالى ، بل عند الحقيقة يعبد المكلّف نفسه.
لكن الظاهر من الآيات والروايات صحّتها ، مثل قوله تعالى : ( يَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً ) (١) وقوله عليهالسلام من بلغه شيء من الثواب (٢) الحديث ، وغيره من الأخبار التي رغّب الأئمّةُ المكلّفين في العبادة ، بأن قالوا من فعلها أعطاه الله كذا وكذا من الأجر على وجه يحصل القطع برضاهم بفعلها رغبة في ذلك الثواب ، وكذلك الحال في زجرهم بالتهديدات والتخويفات في ترك الواجبات. فإذن كيف يبقى تأمّل في [ أن ] (٣) زجرهم بها ليس إلّا لحصول الخوف لهم من هذه العتابات ، ويصير سبباً لعدم تركهم الواجبات ، كما ورد في ترك الصلاة والزكاة وغيرهما.
وكذلك الآيات القرآنيّة ، مثل قوله تعالى : ( جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) (٤) و ( لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) (٥) و ( فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ) (٦) بعد ما قال ( فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ ) (٧) ، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى. بل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحدود الشرعيّات في ترك الواجبات ، ومثلها في فعل المحرّمات ، بل كثير من الأخبار جعلوا المنافعَ الدنيويّة داعية إلى فعل عبادة ومضارّها سبباً لعدم ترك واجب ، وصرّحوا بذلك ؛ كيلا يتركوا الواجب لذلك. بل نقول : أصل العبادة لله خالصة ، إلّا أن الداعي إلى هذه العبادة وخلوصها لله تعالى نيل ثواب كذا وكذا ، أو دفع عقاب كذا وكذا ، وإنه ما لم يتحقّق الإخلاص له تعالى لا ينال الثواب ، ولا يدفع عنه العقاب.
__________________
(١) الأنبياء : ٩٠.
(٢) الكافي ٢ : ٨٧ / ١.
(٣) في النسختين : ( أنهم ).
(٤) الواقعة : ٢٤.
(٥) الروم : ٤١.
(٦) البقرة : ٦٦.
(٧) البقرة : ٦٥.