يثبتان مع عدم وقوعه للترك المحض ، أو صدور عمل فاسد لم يطابق ما أمر الله به. ولكنّه يبطل استقراره ودوام ثوابه وإن كان لا بدّ له من جزاء ، إلّا إن دوامه يقطعه ذلك ، فهو يشبه الملك المتزلزل المشروط لزومه بأمر ، فإنه ما دام لم يتحقّق المبطل للملك فنماؤه له ، فإذا وقع المبطل للملك لم يستحقّ نفعه ونماءَه.
وجميع ما قرّرناه فَهْمُه من الأخبار غير عزيز ، ونقل الأخبار الدالّة عليه ممّا يطول ، ويخرجنا عن موضوع الرسالة وما بنيت عليه من الاختصار.
ثمّ قال رحمهالله تعالى ـ : ( الثالث : عرفت أن المكلّف إن كان يعمل لأجل شهوة قلبه أو شهوة غيره لا يكون ممتثلاً ، وكذا لو كان إحدى الشهوتين جزء العلّة لعمله.
وأمّا الرياء فقد عرَفت أيضاً حاله. والرياء : أن يعمل لأجل أن يرى الناس ، أو يسمعوا أو يسمّى بالسمعة ، وتكون الرؤية والسماع علّة للفعل أو جزء علّة ، وإن لم يكونا علّة ولا جزأها فلا يضرّ ، مثل أنه يعمل لله ، إلّا إنه إذا رآه إنسان أو سمعه يسرّه ذلك.
وفي الصحيح عن الباقر عليهالسلام : أنه قال لا بأس حين سئل عمّا ذكرنا ، ثمّ قال عليهالسلام ما من أحد إلّا وهو يحبُّ أن يُظهر الله (١) له في الناس الخير إذا لم يكن صنع ذلك لذلك (٢) ). أقول : وكذلك الحال لو كره ظهور فسقه وعصيانه ، أو قبيح منه أو ذمّة ولا يكون ذلك هو العلّة لصدور العبادة.
نعم ، يصحّ الإظهار ؛ لأن يقتدي به غيره فيضاعف أجره ، أو للترغيب وإشاعة العبادة والسنّة بين الناس لله تعالى أو أمثال ذلك. ومنها ألّا يذمّه الناس بترك الفرائض ويصير مسيئاً في الظاهر ، بل ظاهره الفسق عندهم ؛ لأن الناس شهداؤه في الدنيا والآخرة أو للتجافي عن التهتّك والله يبغض التهتّك ، ولأن الستر مأمور به ، أو لخوف أن يقصد بسوء أو للحياء وأمثال ذلك. فإن الإظهار غير نفس الفعل ،
__________________
(١) ليست في المصدر.
(٢) الكافي ٢ : ٢٩٧ / ١٨.