العُجب يفسد العمل (١).
وورد أمثال ذلك ممّا يظهر أنه يبطل الثواب ، بل وربّما يصير موجباً للعقاب. لكن كون هذا يصير موجباً للقضاء غير معلوم ؛ لأن القضاء تدارك ما فات ، والفوت بعدم الفعل أو الفعل غير موافق لما أُمر به. وأمّا كون العُجب وأمثاله موجباً للفوت فيتدارك بالقضاء ، أو الفعل مرّة أُخرى ، فغير معلوم وغير معروف من حديث أو كلام فقيه ).
أقول : لا يخلو قوله : ( نعم ، إن صار لها مدخليّة ) إلى آخره ، من منافرة لصدر بحثه المذكور أوّلاً ، وهو اعلم بما قال ، وكلامه في هذا الفرع والذي قبله مطابق لما فصّلناه.
ثمّ اعلم أنه لا فرق في إفساد الضميمة المنافية للإخلاص في التقرّب إلى الله بامتثال أمره بين أن تكون مع نيّته في أوّل العمل ، أو تلحقه في أثنائه مطلقاً ، سواء كان رياءً أو عجباً أو غيرهما ، حتّى إنه لو أُعجب الإنسان بنفسه وما صدر منها وما يصدر واستكبارها واستحسانها وجميع صفاتها وأعمالها وعلومها واستصغارها لأدنى المؤمنين ، وأعماله واستحقارهم ، وأعمالهم بالنسبة له ولعلمه وعمله فإن إعماله وعلومه سراب بقيعة ؛ فإنه بعيد بهذا من خشية الله أشدّ البعد ومتجافٍ عن بساط العبوديّة لله بكمال الذلّ ، فهو بعيد عن دوام فيض رحمة الله ، فإنها إنما تكون للمسترحم بكمال الذلّ والحزن والخضوع والانكسار ، فإن الله يحبّ من عبده أن يسمعه صوت الحزين كما روي (٢).
فهذا عمله باطل مردود عليه ، لا يصعد إلى الله ؛ لأنه لم يشتقّ من معنى العبوديّة لله ، فإنها لا تكون مع شوب أبداً. فأمّا إذا لحق العُجب والسمعة للعمل بعد كماله ، فالظاهر أنه لا يوجب الإعادة ولا القضاء لعدم الدليل على التكليف الثانوي ، ولأنها صدرت طبق الأمر ، والامتثال يقتضي الإجزاء ، ومعه لا إعادة ولا قضاء ؛ لأنهما إنما
__________________
(١) إشارة إلى ما ورد في الكافي ٢ : ٣١٣ / ٣.
(٢) عدَّة الداعي : ١٤٦.