للعجب ، وربّما كان الإظهار سبباً له ، وكأن يكون الإسرار سبباً لبقاء عبادة الله بتلك العبادة ، فإنه ربّما كان إظهارها سبباً لقطعها وعدمها أو سبباً لضرر مؤمن.
فالعامل يجب عليه في إسراره وإعلانه أقرب الحالين إلى مرضاة الله ومحبّته ، فإن تساوى في نظر العامل الأمران أو (١) لم يهتدِ إلى المرجّح كان الإسرار أرجح ما دامت دولة الجهل ، فإن الله عزّ اسمه أحبّ من حيث الإطلاق أن يعبد فيها سرّاً. ومن أجل ذلك شرّعت التقيّة ووقع التكليف بها حفظاً لهياكل التوحيد عن المحو ، إلى غير ذلك من الأسرار.
وبالجملة ، فمرجّحات الإعلان و (٢) الإسرار الموجب ملاحظتها التقرّبَ إلى الله وشدّةَ الإخلاص كثيرة جدّاً ، والطرق إلى مرضاة الله وما يقرّب منه بعدد أنفاس الخلائق ، وهي سمحة سهلة لكلّ سالك بحسب وسعه ، والله رؤوف رحيم. وأمّا حبّ الإنسان لأن يُظهر الله له في الناس الخير والذكر الجميل وبغضه لعكس ذلك ، فأمر جِبليّ طبعت النفوس عليه ، وهو غير مضرّ بالإيمان ما لم يُعمل لذلك ، فيدخل في الرياء والسمعة ، وربّما أُدخل في العُجب. وأمّا كراهية الإنسان لظهور معاصيه لمولاه ، فإن كان حياءً من الله فهو حسن ، وإن كان حياءً من الناس وخوفاً من مقتهم أو عقوبتهم فما أقبحه ؛ فقد ذمّ الله هذا في كتابه العزيز أشدّ الذمّ (٣).
ثمّ ذكر رحمهالله تعالى بعد هذا سبعة أبحاث حقّق فيها حال جملة من الأغراض التي تخدش الإخلاص أو لا تخدشه ، لا نطوّل بذكرها من أرادها فليرجع إليه.
وبالجملة ، فكلّ غرض من أغراض النفس يكون له مدخليّة في الباعثيّة على العمل فهو يخدش الإخلاص ، ويرفع إطلاق الاسم على النيّة والعمل حقيقة ، ويبطل
__________________
(١) في « م » : ( و ).
(٢) في « م » : ( أو ).
(٣) النساء : ١٠٨.