وإمّا بالطرح ؛ لعدم مقاومتها لما ذكرناه من الأدلّة القاطعة ، ولاستلزامها ما لم يقل به أحدٌ من الأصحاب من صحّة الخروج بغير التسليم ، ومشروعيّة صلاة الاحتياط وسجدتي السهو قبله ، ولتشابه ظاهرها ، ولقبولها التأويل ، كلّها أو جلّها.
وأمّا تفصيلاً : فبما أجاب به فاضل ( المناهج ) : شكر الله سعيه ، ولننقل عبارته بلفظها ، وعسى أن نزيد عليها من البيان ما نرجو من الله أن يفيضه علينا من خزائن رحمته ونوره.
قال رحمهالله : ( ونحن نقول في الجواب عن هذه الأحاديث : إنها ومثلها لا بدّ من أن تحمل على التقيّة إن لم يكن لها نحوٌ آخر من التأويل ؛ لأنه كما يحصل الجمع بين الأدلّة بحمل ما دلّ على الوجوب ظاهراً على الاستحباب ، كذلك يحصل الجمع بحمل ما دلّ على عدم الوجوب على التقيّة ، وهذا هو المتعيّن ؛ لأنه أحوط للدين.
على أنا نقول بعد تسليم العمل بمضامين هذه الأخبار في الرواية الأُولى :
أوّلاً : أن ظاهرها أن صدور الحدث عنه بعد الصلاة ، كما لا يخفى ، فلا بدّ من أن يُراد بالتسليم المندوب منه ؛ لأنه الذي تتمّ الصلاة قبله.
وثانياً : أنه يحتمل أن يكون : ( يحدّث ) بالتشديد من التحديث ، ويؤيّده لفظ ( يجلس ) كما هو ظاهر عند مَنْ له معرفة بأطوار المحاورات ، فيحمل على أنه تكلّم ناسياً بما لا يخرجه عن حدّ المصلّي ، ولا شبهة في أنه لا يخلّ بالصلاة.
والمراد بتمام صلاته ليس أنه تمّ قبل السلام ، بل السؤال حينئذٍ قرينة على أن المراد به أنه لا تختلّ صلاته بهذا السبب ، بل في قول السائل : ( قبل أن يسلّم ) دلالة على أنه سلّم بعده ، وحينئذٍ فلا شكّ في أنه تمّت صلاته ).
أقول : يريد بالرواية صحيحة زرارة : عن الباقر عليهالسلام (١) : ، ولعلّه أراد بالتسليم المندوب هو الصيغة المؤخّرة من الصيغتين بناءً على القول بالتخيير ، والواجب ما
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٢ : ١٩٤ / ٧٦٦ ، الإستبصار ١ : ٣٧٧ / ١٤٣١ ، وسائل الشيعة ٨ : ٢٣٢ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ١٩ ، ح ٤.