بغيره ، فلا يتحقّق الحكم عند الأصحاب بالفراغ منها قبله وإن لزم القائلين بالاستحباب ذلك ، لكن الظاهر أنه لا يقول به أحدٌ منهم.
ويحتمل أيضاً دخول التسليم في لفظ التشهّد مَجازاً ، فإن الأصحاب بل والأخبار يطلقون التشهّد عليه مع جميع مندوباته ومتعلّقاته ، كما لا يخفى على المستوضح ، فلا يكون في الخبر دلالة على المدّعى لما فيه من هذه الاحتمالات.
ثمّ قال رحمهالله : ( وفي صحيحة زرارة (١) : أن من الظاهر أن مَنْ جلس بقدر التشهّد الكامل كان قد جلس بقدر أدنى ما يجب في التشهّد مع التسليم ، فليكن هو المراد ، ولم يصرّح به لظهور ذلك. ثمّ كما أن التشهّد الذي يأتي به عقيب الخامسة يكون مجزئاً كذلك التسليم ، وكما أن هذا الفصل لا يضرّه فكذا لا يضرّه أيضاً ، أو كما أن الجلوس بقدر التشهّد مجزيٌ عن الإتيان به كذا الجلوس بقدر التسليم يجزئُ عنه.
وفي صحيحة محمّد بن مسلم (٢) : أنه لا دلالة لها أصلاً على عدم وجوب التسليم ، فإن الانصراف أعمّ من الانصراف للتسليم ، ومنه بدونه ، ولمّا لم يكن المقصود هنا الإتيان بالتشهّد لم يصرّح بالتسليم.
والحاصل أن الانصراف لا معنى له إلّا الخروج عن الصلاة ، وأمّا دلالته على الخروج من غير أن يكون له سبب من التسليم ونحوه فلا ، بل ربّما أُطلِقَ الانصرافُ على التسليم في كثير من الأخبار ، كما لا يخفى على مَنْ تتبّعها ، وكذا الكلام في صحيحة عليّ بن جعفر (٣) ).
قلت : ويمكن حمل التشهّد فيها على ما يعمّ التسليم ، كما تقدّم في غيرها.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٢ : ١٩٤ / ٧٦٦ ، الإستبصار ١ : ٣٧٧ / ١٤٣١ ، وسائل الشيعة ٨ : ٢٣٢ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ١٩ ، ح ٤.
(٢) تهذيب الأحكام ٢ : ١٠١ / ٣٧٩ ، الإستبصار ١ : ٣٤٢ / ١٢٨٩ ، وسائل الشيعة ٦ : ٣٩٧ ، أبواب التشهّد ، ب ٤ ، ح ٤.
(٣) الفقيه ١ : ٣٦١ / ١١٩١ ، تهذيب الأحكام ٢ : ٣٤٩ / ١٤٤٦ ، وسائل الشيعة ٨ : ٤١٣ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٦٤ ، ح ٢.