ومن الأخبار التي أُطلِقَ فيها الانصراف على التسليم خبر أبي بصير : عن أبي عبد الله عليهالسلام : في الرجل إذا سها في القنوت قنت بعد ما ينصرف وهو جالس (١).
ومثلها كثير ، كما يظهر بمراجعة أبواب السهو والشكّ والتعقيبات ، فراجع. وقد ترك خبر غالب بن عثمان (٢).
والجواب عنها بحمل التسليم فيها على ما يقع في التعقيب بعد السلام المُخْرِج من الصلاة ، والتشهّد على ما يعمّ التسليم الواجب.
والقرينة قول السائل : ( سألته عن الرجل يصلّي المكتوبة ، فيقضي صلاته ويتشهّد ، ثمّ ينام ) ، فإنه فرض النوم بعد قضاء الصلاة ، ولا معنى له إلّا فراغها بالكلّيّة ، وعطف التشهّد عليه من باب عطف الجزء على الكلّ مبالغة في بيان استكمال الصلاة ، ولذا عطفه بالواو.
وفي عطفه النوم على قضاء الصلاة والتشهّد بـ ( ثمّ ) قرينة أيضاً على ذلك ، ومبالغة في بيان وقوع النوم بعد كمال الصلاة ، وهذا بحمد الله جليّ.
ثمّ قال رحمهالله : ( وفي موثّقة يونس بن يعقوب (٣) : أنه لا دلالة لها على المدّعى أيضاً ، فإنه إنما قيل فيها ولو نسيت حين قالوا ذلك ، ولا يفهم منه إلّا إنه نسي حينئذٍ أنه هل سلّم أم لا؟ وهو شكّ في الفعل بعد انقضائه ، ومن المعلوم عدم اعتباره وتماميّة الفعل ).
قلت : وما أظهر احتمال أن يراد بالتسليم فيها التسليم المندوب حال التفرّق ، فإنه قال : ( قعدت للتشهّد ، ثمّ قمت ونسيت أن أُسلّم عليهم ، فقالوا : ما سلّمت علينا ) أي تسليم التفرّق ، حيث عطف القيام على التشهّد بـ ( ثمّ ) الدالّة على التراخي.
ويحمل التشهّد على ما يعمّ التسليم ، فإنه متعارف ومجاز شائع ، ولذا خاطبوه
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٢ : ١٦٠ ـ ١٦١ / ٦٣١ ، وسائل الشيعة ٦ : ٢٨٧ ، أبواب القنوت ، ب ١٦ ، ح ٢.
(٢) تهذيب الأحكام ٢ : ٣١٩ / ١٣٠٤ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢٥ ، أبواب التسليم ، ب ٣ ، ح ٦.
(٣) تهذيب الأحكام ٢ : ٣٤٨ / ١٤٤٢ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢٥ ، أبواب التسليم ، ب ٣ ، ح ٥.