وعاتبوه بما هو خارج عن الصلاة ، بل بما تعمّده مبطل لها ، ولو كان المقصود تسليم الصلاة لَتَحرّجوا من ذلك ، كما لا يخفى من طريقة المسلمين.
وأيضاً الجواب فيه قرينة على ذلك ، بل دلالة ، حيث سأله قال ألم تسلّم وأنت جالس؟. قلت : بلى. فإن ظاهره إنما عنى به تسليم الصلاة ، فأجابه بأن تسليم الصلاة يكفي عن تسليم التفرّق ، حيث إنه واقع حال مفارقته لهم ومفارقتهم له في الصلاة ومُؤذن بذلك ، فلا دلالة للخبر على المدّعى بوجه.
ثمّ قال رحمهالله : ( وفي صحيحة الفضيل : وزرارة : ومحمّد بن مسلم (١) : إنا وإن أوجبنا التسليم وجعلناه جزءاً من الصلاة لكن جزئيّته ليست كجزئيّة سائر الأجزاء ، فإنه في الأصل إنما وضع للخروج منها ، فمضيّ الصلاة حين الفراغ من الشهادتين إشارة إلى هذا المعنى ).
قلت : بل هو جزءٌ كالتحريمة حقيقة ؛ لأنه جعل في مقابلتها ، والخبر ظاهر في وجوبه ، فإنه رتّب فيه الانصراف والإجزاء عليه. ومعنى قوله عليهالسلام إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته أنه لم يبقَ من واجبات صلاته إلّا التسليم المُخْرِج ، وأدخل الصلاة على محمّد وآله في لفظ الشهادتين ؛ للإجماع والنصّ (٢) بوجوبها ، وأن ما بينهما من المأثور مستحبّ ، ولذا قال بعد قوله مضت صلاته ـ فإنْ كان مستعجلاً في أمر يخاف فوته فسلَّم وانصرف أجزأه (٣) ، فعقّب التسليم للشهادتين ، فهي قد دلّهم فيها (٤) على أن ما يقال بعد التشهّد والصلاة على محمّد : وآله وقبل التسليم مستحبّ.
وأيضاً ، إن سُلّم دلالتها على استحباب التسليم قلنا : دلّ ظاهرها أيضاً على استحباب الصلاة على محمّد : وآله صلىاللهعليهوآله ، وهذا لا يقول به أحد من الفرقة.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٢ : ٣١٧ / ١٢٩٨ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤١٦ ، أبواب التسليم ، ب ١ ، ح ٥.
(٢) وسائل الشيعة ٦ : ٤٠٧ ـ ٤٠٨ ، أبواب التشهّد ، ب ١٠.
(٣) تهذيب الأحكام ٢ : ٣١٧ / ١٢٩٨ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤١٦ ، أبواب التسليم ، ب ١ ، ح ٥.
(٤) في المخطوط بعدها : ( عليه ).