ثمّ قال رحمهالله تعالى ـ : ( وفي صحيحة معاوية بن عمّار (١) : أن ظاهرها أن التشهّد وما يليه بعد إتمام الصلاة ، فالظاهر أنه يستحبّ بعدها هذه الأُمور ، فلا دلالة لها على المطلوب ).
قلت : ويحتمل دخول التسليم في لفظ التشهّد كما دخلت الصلاة على محمّد : وآله فيه ، وإلّا لدلّت على استحباب الصلاة على محمَّد صلىاللهعليهوآله ، وآله لإهمال ذكره فيها ، ولا قائل به.
ثمّ قال رحمهالله : ( وفيما يليها من الرواية يعني : رواية الحلبي (٢) أن دلالتها على الوجوب أظهر من دلالتها على عدمه ، كما لا يخفى. هذا كلّه ، مع أنه لا يتمّ الاستدلال بالروايات الأربع الأُوَل إلّا إذا ثبت أنه إذا كان جزءاً من الصلاة كان كسائر الأجزاء ، حتّى تبطل الصلاة بصدور شيء من مبطلاتها قبله سهواً أو نسياناً ، وهو ممنوع ).
قلت : أمّا كونه جزءاً واجباً كسائر الأجزاء الواجبة فلا شكّ فيه ، حتّى إنه قد ادّعى المرتضى ركنيّته كما سمعت ؛ وذلك لِمَا رأى فيه من خواصّ الركنيّة ، حيث إنه تبطل الصلاة بتركه عمداً ونسياناً ، لكنّه إنما لحقه هذا الوصف بسبب ما يتخلّل حال تركه بينه وبين غيره من أجزائها الواجبة ، ولذا لو كان المُتَخَلّل وقع نسياناً ، وهو ممّا لا تبطل به الصلاة سهواً ، لم تبطل.
وكذا لو كرّر سهواً أو واقع في غير محلّه سهواً لم تبطل ، وبذلك فارق حكم سائر أركانها. وكلّ جزء واجب لا تبطل الصلاة بتخلّل شيء من مبطلاتها قبله سهواً أو نسياناً ما لم يكن الصادر ممّا يبطلها عمداً وسهواً ، فلا فرق في هذا بين التسليم وغيره من أجزائها الواجبة.
والجواب عن الروايات الأربع قد عرفته ، فلسنا وإيّاه بمحتاجين إلى هذا التكلّف بلا دليل ، ولا إلى هذا الفرق بلا فارق.
ثمّ قال رحمهالله : ( وبالجملة ، فقد صار من الواضح البيّن أن هذه الدلائل لا تصلح
__________________
(١) الكافي ٤ : ٤٢٣ / ١. وسائل الشيعة ١٣ : ٤٢٣. أبواب الطواف ، ب ٧١ ، ح ٣.
(٢) تهذيب الأحكام ٢ : ١٦٠ / ٦٢٧ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢٤ ، أبواب التسليم ، ب ٣ ، ح ٣.