الاتّحاد في النهاية.
أمّا في مقام الدلالة فهما شيئان : دليل ومدلول ، واسم ومسمّى ، وإمارة عليّ عليهالسلام : وسلطنته من مقام ولاية محمّد : ، فهو نفسه.
ولا يقال : إنه صلىاللهعليهوآله أمير نفسه ، وسلطان نفسه ، وعليّ عليهالسلام : نفسه ، فعليّ عليهالسلام : أمير كلّ مؤمن ومؤمنة ، وليس هو بداخل تحت أمره أحد من خلفائه ، فظهر اختصاصه بهذا الاسم الأعظم إذا أخذ بعنوان الإطلاق. فالإمارة والولاية المطلقة لم يظهر بها أحد سواه ، والرسول صلىاللهعليهوآله : ، إنما ظهر بالرسالة ، وقد أُخذ العهد على جميع الخلق حين أرسل لهم بـ ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ) (١) بالإيمان بولايته المطلقة ، وهي إمارة أمير المؤمنين.
وأمّا الرسول صلىاللهعليهوآله : والأئمّة الأحد عشر فلا شكّ في أنهم موصوفون منعوتون بأمارة المؤمنين والسلطنة والاستيلاء على الخلائق أجمعين. وإن نعتهم ووصفهم بها لا على جهة التسمية اللقبيّة العلَميّة جائز ، أمّا محمَّد صلىاللهعليهوآله : فبالأصالة ؛ لأنه ينبوع تلك الولاية العامّة المطلقة والسلطنة الشاملة وحقيقتها الحقّيّة وإن لم يمكن أن يكون هو مظهرها في مقام الرسالة ؛ لما بينهما من التمانع ، ولما يلزم من أنه لا يكون له خليفة ، بل يكون خليفة نفسه ويتّحد الظاهر والمُظهِر ، وهو محال.
وأيضاً لا يمكن اجتماع الظهور بالرسالة والولاية المطلقة في شخص ؛ لما بين المقامين من الاختلاف في التكاليف واللوازم. فمقام الولاية لا يطيق مقام النبوّة أن يحمل تكليفه ، وكذا مقام الرسالة بأن نقيسه إلى مقام النبوّة. ومن أجل ذلك تأخّر التكليف بالتأويل حتّى يظهر صاحب الأمر : عجل الله فرجه والله رؤوف بالعباد.
وأمّا الأئمّة الأحد عشر فهم ورثوا تلك الإمارة والولاية والسلطنة من أمير المؤمنين. وممّا يدلّ على صحّة وصفهم بها وراثة من أمير المؤمنين : ما رواه بعض المتأخّرين في تفسيره عن أبي علي أحمد بن الحسين بن أحمد بن عمران : في كتاب
__________________
(١) الأعراف : ١٧٢.