ويحتمل في هذه العبارة أنه أراد بالفرض الركن الذي تفسد بتركه عمداً وسهواً ، وبالسنّة ما لا تفسد بتركه سهواً وإن فسدت عمداً ، ولعلّه أراد أنها لا تفسد بتركه سهواً لا عمداً ، ويدلّ على هذا ما سلف من كلام الشهيد (١) : وغيره أن الأصحاب لا يجوّزون الخروج من الصلاة بغير التسليم ، وإنما يجيز ذلك أبو حنيفة.
ويؤيّده أيضاً أن الشيخ إنما استدلّ على هذه المقولة بخبر أبي بصير : عن أبي عبد الله عليهالسلام : قال إذا نسي الرجل أن يسلِّم ، فإذا ولّى وجهه عن القبلة ، وقال : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فقد فرغ من صلاته (٢).
وخبر الحلبي : عنه عليهالسلام قال إذا نسي أن يسلِّم خلف الإمام أجزأه تسليم الإمام (٣).
واقتصر عليهما ، وموردهما النسيان ، ولو كان الشيخ : يقول : إنه لا يخرج من الصلاة إلّا بالتسليم ، كما هو ظاهر عبارتيه الأُوليين ، ويقول : يجوز تركه ، كان كلامه متدافعاً.
وبالجملة ، فالشيخان : من أعقل العقلاء ، ولا يقول عاقل بأنه ما يجوز الإتيان به من الأذكار بعد تمام وكمال ماهيّة الصلاة جزء من ماهيّتها ، فمن الضروري استحالة أن يكون ما هو خارج من الحقيقة جزء من الحقيقة ، ولو فرض أنهما قالا ذلك لم يكن قَدْحاً في نقل إطباق القائلين بالاستحباب على الخروج ؛ لعدم العبرة بالشاذّ النادر ، فلا تغفل.
ثمّ قال البهائي : رحمهالله تعالى ـ : ( نعم ، قد يورد هنا : أن في كلام القائل بانقطاع الصلاة به ما يدلّ على انقطاعها بالصلاة على النبيّ : وآله صلىاللهعليهوآله ، وهو تناقض ) (٤).
قلت : إذا وجد هذا وذاك في كلام شخص فهو تناقض لا يخفى على أحد عرف معناه ، ولا جواب له ، وإن توهّمه هو رحمهالله.
__________________
(١) الذكرى : ٢٠٥ ( حجريّ ).
(٢) تهذيب الأحكام ٢ : ١٥٩ ـ ١٦٠ / ٦٢٦.
(٣) تهذيب الأحكام ٢ : ١٦٠ / ٦٢٧ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٢٤ ، أبواب التسليم ، ب ٣ ، ح ٣.
(٤) الحبل المتين ( ضمن رسائل الشيخ بهاء الدين ) : ٢٥٤ ( حجريّ ).