وغيرهم أن هذه الصيغة مُخْرِجة بالإجماع.
لنا : أوّلاً : الإجماعات المستفيضة على أن من قال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعد الصلاة على محمّد : وآله في آخر الصلاة ، فقد تمّت صلاته ، وخرج منها.
ونقل عباراتهم الصريحة في الإجماع على ذلك أكثر من أن تحصى ، وقد عرفت قليلاً من كثير منها ، فلا يحصل يقين للبراءة إلّا به ، وغيره مشكوك فيه ، فيتعيّن.
وثانياً : إطلاق الأخبار الآمرة بالتسليم ، وهي أكثر من أن تُحصى في مُصَنّفٍ.
ووجه الدلالة : أنه يجب حملها وصرفها إلى خصوص صيغة التسليم المعروفة عند عامّة المكلّفين من أهل الإسلام ؛ إذ لا تكليف إلّا بعد البيان ، ولا يعرف أهل الإسلام الخاصّ منهم والعامّ من صيغة التسليم إلّا هذه ، ولا يكاد ينصرف ذهن ولا يتبادر فكر إلى غيرها من الصيغتين الأُوليين.
قال في ( الذكرى ) : ( عبارة التسليم قد صارت متعارفة بين الخاصة والعامّة في السلام عليكم
يعرف ذلك بتتبّع الأخبار والتصانيف ، حيث يذكر فيها ألفاظ السلام المستحبّة ، ثمّ يقال بعدها : وبعد السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، ثمّ يسلّم. وهذا تصريح منهم بأن اسم التسليم الشرعي مختصّ بصيغة السلام عليكم ) (١) ، انتهى.
ويدلّ عليه أيضاً أن لفظ السلام قد صار في الإسلام على ذلك ، بحيث إذا أُطلق أن التسليم مستحبّ ، أو ابتداءً مندوب ، وردّ السلام واجب ، لا يفهم منه أحد غير السلام عليكم ، وقد تطابق في هذا النصوص (٢) وفتوى العصابة (٣) ، فيجب حمل إطلاق الأمر بالتسليم عليه.
وثالثاً : إطلاق الخبر المستفيض أن تحليلها التسليم (٤).
والتقريب : ما مرّ من وجوب حمله على المتعارف المعهود بين المسلمين ، وهو السلام عليكم.
__________________
(١) الذكرى : ٢٠٧ ( حجريّ ).
(٢) انظر وسائل الشيعة ١٢ : ٦٦ ـ ٦٧ ، أبواب أحكام العشرة ، ب ٣٩.
(٣) مدارك الأحكام ٣ : ٤٧٣.
(٤) الفقيه ١ : ٢٣ / ٦٨.