جزء من الصلاة بنيّة ، بل الظاهر عدم جوازه في العبادة الواحدة ، بل ربّما كان ذلك مبطلاً ، كما إذا خصّ كلّ جزء بنيّة غير ملاحظ فيها ما سواه ؛ لخروجه حينئذٍ عن المعلوم من تكليف الشارع ، فهو تلاعب أو شبهه.
وأمّا إن جميع العبادات لا يتوقّف عليها الخروج ، بل الانفصال منها كافٍ ، فنحن لا نقول هنا بوجوب نيّة الترك ، بل بوجوب نيّة جزء من الصلاة ، وهو فعل لا ترك ، ولا نعني بوجوب نيّته فيه إلّا وجوب نيّة فعل المخرج.
وأمّا إن مناط النيّة الإقدام على الأفعال لا الترك لها فحقّ ، لكن لا ينفعه ، لأنا لا نوجب إلّا نيّة الإقدام على فعل المخرج.
ثمّ قال رحمهالله : ( ومبنى الوجوب على أنه جزء من الصلاة كما اختاره المرتضى (١) : ، أو خارج عنها ، فعلى الأوّل يتوجّه عدم نيّة الخروج به ، وعلى الثاني يتوجّه وجوب النيّة ) (٢).
قلت : هذا لو كان يجب إفراده بنيّة ، ونعني بعدم توجّه النيّة عدم إفراد الجزء بها ، ونحن لا نقول به ، بل نقول : هو جزء يجب إدخاله في نيّة الصلاة بجميع أجزائها كغيره من الأجزاء ، ولا قائل بصحّة فعل من الصلاة لا بنيّة.
وأمّا على فرض الخروج والوجوب ، فلا شكّ في وجوب إفراده بنيّة حينئذٍ ؛ لأنه عمل ، بل عبادة.
ثمّ قال رحمهالله : ( ولأن الأصحاب وخصوصاً المتأخّرين يوجبون على المُعتمِر والحاجّ نيّة التحلّل بجميع المحلّلات ، فليكن التسليم كذلك ؛ لأنه محلّل من الصلاة بالنصّ ) (٣) ، انتهى كلامه ، رفع الله مقامه.
قلت : لا نعرف من مذهب الأصحاب في محلّلات الحجّ والعمرة وهي جميع أفعالهما بعد عقد الإحرام إلّا قصد الفعل بعينه كـ : أطوف بهذا البيت سبعة أشواط ،
__________________
(١) الناصريّات : ٢٠٨ ـ ٢٠٩ / المسألة : ٨٢.
(٢) الذكرى : ٢٠٩ ( حجريّ ).
(٣) الذكرى : ٢٠٩ ( حجريّ ).