مع باقي مشخّصات المنوي ، ولا نعرف من نصّ على أنه يجب في نيّة الطواف مثلاً لأتحلّل به من الإحرام ، وعلى فرضه فليس هو بمحلّل ، وإنما المحلّل ؛ إمّا جميع الأفعال بفرضها كالشيء الواحد ، وهذا لا يتمّ إلّا بتكلّف بعيد ؛ لأنها عبادات متعدّدة متباينة ، وعلى فرضه فالطواف مثلاً جزء محلّل لا محلّل ، فيمتنع نيّة التحلّل به من حيث هو.
أو نقول : المحلّل هو آخر جزء من أجزاء الأفعال ، كالتقصير مثلاً في المتمتّع بها على المشهور من جزئيّته ، وعليه فقس غيرها.
ولنا أيضاً مع فرض ما ذكر منع كون السلام من قبيل محلّل النُّسكَيْن ، فمساواته له يكون قياساً.
وبالجملة ، فنحن نقول : التسليم واجب من واجبات الصلاة ، فلا بدّ من شمول نيّة الصلاة له ودخوله فيها كشمولها لغيره من أجزائها الواجبة ، أي يجب أن ينوي فعله كغيره ، ولا يضرّ اعتقاد أنه جزء مخرج ، أي أن بكماله تكمل الصلاة ويخرج المصلّي منها.
وأمّا إنه يجوز فعله لا بنيّة أصلاً فالنصّ والإجماع من غير معارض يمنعه ؛ لأنه عبادة وعمل لا يصحّ ولا يتحقّق من حيث هو جزء من الصلاة إلّا بنيّة.
وأمّا أنه يجب إفراده بنيّة من بين أمثاله من واجبات الصلاة فكلّا ؛ لأن ذلك يستلزم إخراجه عن نيّة الصلاة الكلّيّة البسيطة الشاملة لجميع أجزائها ، وهذا مفسد للصلاة ؛ لأنها عبارة عن جميع أجزائها ، فإذا أُفرِدَ بنيّة لم تكن النيّة المتّصلة بأوّلها نيّة للصلاة ، بل لبعضها ، ولأنها عبادة واحدة ، فإذا أُفرد هذا الجزء بنيّة لم يكن ما فرض أنه واحد واحداً.
نعم ، على فرض القول بأنه خارج يجب إفراده بنيّة ؛ لأنه عمل مستقلّ. والله العالم بحقيقة أحكامه.