عُدّ هذا المسند من أمّهات كتب الزيديّة الحديثيّة ، بل أقدم كتاب عندهم ، وقد تلقّوه بالقبول واعتمدوا على ما فيه ، وحاولوا جاهدين إثبات هذا المسند إلى زيد بن علي ( عليه السلام ) حتى يصحّحوا اعتمادهم عليه.
ولكن بملاحظة الطرق العلمية والفنية التي دوّنها العلماء لإثبات مثل هذه الأمور فإنّه لا يمكن إثبات هذا الكتاب لزيد بن علي ( عليه السلام ) ، والسبب في ذلك هو أنّ هناك إشكاليّة كانت وما تزال تلاحق الزيديّة ، وتعتبر من أصعب الإشكالات والنقوضات عليهم وهي : أنّه ليس عندهم علم رجال أو قواعد للجرح والتعديل يمكنهم من خلالها توثيق أو
تضعيف الرواة ، أو اعتبار أو عدم اعتبار الأسانيد ، فإنّه لا يمكنهم إثبات كتبهم ـ لا سيّما المتقدّمة ـ إلى مؤلّفيها ; لأنّهم يفتقدون القواعد التي تمكّنهم من ذلك.
وهذا المسند أحد الكتب التي تواجه هذه المشكلة ، فأصل إمكان إثبات نسبة هذا المسند لزيد غير متحقّقة.
أمّا كتبهم الرجالية المتأخّرة كمطلع البدور لابن أبي الرجال ( ت ١٠٩٢ هـ ) والطبقات لإبراهيم بن القاسم بن المؤيّد ( ت ١١٥٢ هـ ) فهي لا تصل إلى الاعتبار وصحّة الاستدلال في مثل هذه الموارد ; لأنّها كتب تبعد بقرون عن الرواة في تلك الأزمان المتّصلة بزمن الرسالة ، هذا أوّلاً ، وثانياً : أنّ كثيراً ممّا في هذين الكتابين مأخوذ من كتب غير الزيديّة ، كما لا يخفى على من له أدنى اطّلاع على هذين الكتابين.
فمثل هذين الكتابين وما شابههما لا يصحّ الاحتجاج بهما ، وهو أمر واضح وبيّن ومتّفق عليه بين علماء هذا الفن.