الشهيد الثاني. فقال : « ووجهه على نحو الايجاز أنا نمنع من كون الشهرة التي ادعوها مؤثرة في جبر الخبر الضعيف ، فان هذا إنما يتم لو كانت الشهرة متحققة قبل زمن الشيخ ، والأمر ليس كذلك ، فان من قبله من العلماء كانوا بين مانع من خبر الواحد مطلقاً ، كالسيد المرتضى. والأكثر على ما نقله جماعة ، وبين جامع للأحاديث من غير التفات ( الى ) (١) تصحيح ما يصح ، ورد ما يرد. وكان البحث عن الفتوى مجردة لغير الفريقين قليلاً جداً ، على من اطلع على حالهم. فالعمل بمضمون الخبر الضعيف قبل زمن الشيخ على وجه يجبر ضعفه ليس بمتحقق. ولما عمل الشيخ بمضمونه في كتبه الفقهية ، جاء مَن بعده من العلماء ، واتبعه منهم عليها الأكثر تقليداً له إلا من شذ منهم. ولم يكن فيهم من يسبر الأحاديث وينقّب عن الأدلة بنفسه سوى الشيخ المحقق ابن إدريس ، وقد كان لا يجيز العمل بخبر الواحد مطلقاً. فجاء المتأخرون بعد ذلك ، ووجدوا الشيخ ، ومن تبعه قد عملوا بمضمون ذلك الخبر الضعيف لأمر ما رأوه في ذلك ، لعل اللّه يعذرهم فيه ، فحسبوا العمل به مشهوراً ، وجعلوا هذه الشهرة جابرة لضعفه ، ولو تأمل المنصف ، وحرر المنقّب لوجد مرجع ذلك كله الى الشيخ ، ومثل هذه الشهرة لا تكفي في جبر الخبر الضعيف ... وممن اطلع على هذه القاعدة التي بينتها ، وحققتها ، ونقبتها من غير تقليد ، الشيخ الفاضل المحقق سديد الدين محمود الحمصي ، والسيد رضي الدين بن طاووس ، وجماعة. قال السيد في كتاب ( البهجة لثمرة المهجة ) : أخبرني جدي الصالح ورّام بن أبي فراس ، أن الحمصي حدّثه أنه لم يبق للامامية مفتي على التحقيق ، بل كلهم حاكٍ. وقال السيد عقيبه : والآن فقد ظهر أن الذي يفتى به ، ويجاب عنه على سبيل ما حفظ من كلام
__________________
١ ـ لم توجد كلمة ( الى ) في المصدر ، لكنه غلط.