توثيقات القدماء الى توثيقات المتأخرين ، وبعض القرائن التي يمكن تحصيلها يغنينا عن التنزّل الى العمل بالظن ، إلا إذا تحكّم إشكال مراسيل التوثيقات وسيأتي البحث عنه.
أما بناء على اشتراط التعدد في التزكية ، كما اختاره الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني ، ونسبه الى جماعة من الأصوليين والى المحقق الحلي (١) يقوى القول بانسداد باب العلم ، لتعذر تحصيل شهادة عدلين بالنسبة لكل راوي من الثقات.
نعم إن المرحوم السيد حسن الصدر ألّف رسالة في خصوص من تعدد توثيقه من الرواة سماها ( عيون الرجال ) ، وقال في مقدمتها : « قد التمس السيد الأجل ... أن أصنّف رسالة فيمن تعدد توثيقه من الرواة لتخف المؤونة على من كان لا يرى التزكية من باب الخبر ، أو من باب الظنون الاجتهادية ، بل يراها من باب الشهادة. وقد حققنا المسألة في ( نهاية الدراية ) (٢) ، وحكينا فيها رأي المحقق بن سعيد في اشتراط قبول العدالة بشهادة اثنين من ثقات الامامية الخ ».
لكنه لا يخفى عدم وفاء تلك الرسالة بالمطلوب ، لكثرة الرواة وقلة من ذكر فيها. وقد اعترف السيد المصّنف ـ قدست نفسه ـ بأن رسالته مخففة للمؤنة ، لا رافعة لها.
كما أنه يقوى القول بالانسداد بناء على عدم العبرة بشهادة أولئك المتأخرين في شأن التوثيق بدعوى ضعف احتمال الحس في شهادتهم ، لفصل الزمن الطويل بينهم وبين من وثقوهم من الرواة ، فإن الاقتصار على
__________________
١ ـ منتقى الجمان ج ١ ص ١٤.
٢ ـ وهو كتاب للسيد الصدر في علم الدراية شرح به ( الرسالة الوجيزة ) للشيخ البهائي.