والجواب عنه أولاً : لم يعلم أن النجاشي ونظائره قد اطلع على جميع تلك الكتب الرجالية ونُسخها حال تحرير كتابه. وثانياً : على فرض اطلاعه لم يعلم أن الشخص الذي وثقه موثق في جميع تلك الكتب ، فلعله مجروح في بعضها وإنما رجح التوثيق على الجرح. وثالثاً : لا يجدي ذلك بالنسبة لمن سبق عصره على ابن محبوب. فهذه الدعوى نظير دعوى لزوم العمل بجميع أخبار كتبنا الأربعة ، لأن الأصول التي أخذت منها كانت متواترة لدى أصحاب تلك الكتب ومحفوظة بقرائن تفيد الوثوق بصدورها عن المعصوم (ع).
الثاني أن النجاشي ونظائره إنما نقلوا توثيق الراوي عن مشايخهم ، فان لم يثبت بذلك وثاقته فلا أقل من ثبوت حسنه ، وهو كافٍ في قبول روايته.
والجواب عنه أن الحسن كالوثاقة لا بد وأن يثبت بطريق معتبر ، فبناء على اعتبار المشايخ مطلقاً وإن لم يوثقوا يزول الاشكال بالنقل عنهم أما بناء على عدم كفاية الشيخوخة يبقى الاشكال ، ويؤل الأمر الى انسداد باب العلم في التوثيقات والاكتفاء بالظن فيها ، كما سبق.
نعم بناء على أن الرجوع الى الرجالي في شأن التوثيق والتضعيف من الرجوع الى أهل الخبرة ، لأنه خبير في فنه ، لا من باب الشهادة يزول هذا الاشكال من أساسه. ولعله لذلك لم يكن هذا الاشكال معروفاً لدى الفقهاء ، فيقبلون توثيق الرجالي وإن لم يكن في عصر الموثق.