وهنا نقاش يخص محل البحث ، وهو اضطراب كلام العلامة في العمل بقول ابن الغضائري ، فيأخذ به تارة كما سبق ، ويهجره أخرى كما في ترجمة ابراهيم بن عمر الصنعاني ، حيث قبل روايته وذكره في القسم الأول من ( خلاصته ) لتوثيق النجاشي له وإن ضعفه ابن الغضائري صريحاً وهكذا في ترجمة سهل بن احمد بن عبد اللّه حيث ذكره في القسم الأول معتمداً عليه لقول النجاشي : « لا بأس به ». وإن قال عنه ابن الغضائري « كان يضع الأحاديث » (١).
ولذا قال الوحيد البهبهاني : « والأولى أن يقال : إن بناء ( الخلاصة ) على التعديل والجرح ، وترجيحه قول شيخ على آخر ليس من نفس توثيقهم وجرحهم ... ولذا ربما يرجّح ابن الغضائري على النجاشي ... مع أنه في الغالب يرجح النجاشي الخ » (٢). وقال الشيخ المامقاني : إن العلامة « كثيراً ما يقّدم تعديل النجاشي على جرح ابن الغضائري في مقام ليس له مستند سوى أن ظاهره عدم الاعتماد على ابن الغضائري الخ » (٣).
ولكن اعتماده على قوله ولو في مورد واحد يكشف عن اعتباره لديه وتقديم قول النجاشي عليه أحياناً لا يضر بذلك ، حيث تكون هناك جهات مرجحة له ، كما في تقديم قوله على قول النجاشي.
وأما اعتماد ابن طاووس عليه فكاعتماد العلامة كاشف عن اعتباره لديه وهو يغني في قبول قوله بناء على ما سبق من الاكتفاء بتوثيق أمثاله.
وأما اعتماد النجاشي عليه فهو العمدة ، حيث نقل عنه في كتاب ( رجاله ) بلا واسطة في ثلاثة وعشرين مورداً حسبما استقصيت الكتاب وسيرته ، وسبق (٤) توثيق النجاشي لشيوخه الذين يروي عنهم بدون واسطة
__________________
١ ـ خلاصة الرجال ص ٤ ـ ٤٠.
٢ ـ تعليقة منهج المقال ص ٢٤.
٣ ـ تنقيح المقال ج ١ ص ٥٨.
٤ ـ أنظر ص ١٨٤.