ثانيها : ان التزكية بنفسها رواية مقابل القول بانها شهادة. وعلى هذا الاختلاف في حقيقتها بنى كثير من الفقهاء الخلاف في كفاية تزكية الواحد وعدمها ، حيث يكتفى به في الاول دون الثاني.
وناقش فيه المحقق القمي : بان الرواية لها اطلاقان ، احدهما ، الخبر المصطلح الذي هو احد أدلة الفقه. ثانيهما : الخبر المقابل للانشاء. والتزكية ليست من الاول ليشملها دليل حجية خبر الواحد في الاحكام ، ولم يقم دليل على كفاية الواحد في مطلق الخبر (١).
لكن استاذنا المحقق الحكيم قد استدل على كفاية تزكية الواحد الثقة بما دل على حجية خبره في الاحكام ، باعتبار ان التوثيق بمدلوله الالتزامي يؤدي الى الحكم الكلي (٢). ولنا تعليق عليه في مبحث آخر.
ومقتضى هذين الوجهين عدم صحة قياس هذا الاجماع بالتوثيق الرجالي.
ثالثها : ان حجية خبر الواحد لما كانت من باب الاطمئنان العقلاني واشتراط العدالة تنبيه على ان خبر العادل مفيد له دون خبر الفاسق ، فلا شبهة في كفاية تزكية الواحد اذا افاد الاطمينان (٣).
ومقتضى هذا الوجه كون العبرة بالاطمينان ، ولا اشكال في حجيته لو حصل لشخص ، سواء كان مصدره تزكية الواحد ، او هذا الاجماع او غيرهما. لكن الاشكال في حصول الاطمينان بوثاقة من روى عنه اصحاب الاجماع بعد المناقشات السابقة فيه.
رابعها : ان الاكتفاء بتزكية الواحد من باب الظنون الاجتهادية المرجوع
__________________
١ ـ قوانين الاصول ص ٤٦٤ ، وما بعدها.
٢ ـ المستمسك ج ١ ص ٣٠ ـ ٣١.
٣ ـ مقباس الهداية ص ٥٩.