المعجزة فلم يجد مفرّاً من هذه الفضيحة إلّا أن يأخذ عود الخيزران ويضرب ثنايا سيّد الشهداء عليه السلام.
وبينما هو كذلك إذا بـ «أبو برزة الأسلمي» يقف في وجهه ويقول له : ارفع يدك يالعين عن هاتين الشفتين.
ولا يخفى أنّ أبا برزة الأسلمي كان من صحابة رسول الله صلى الله عليه واله ، وقد سكن الشام سنين عديدة إلّا أنّه كان ملازم لداره لا يخرج منها مع أنّ معاوية السوء حاول كثيراً الالتقاء به إلّا أنّه لم يعبأ به بل لم يكن يقبل هداياه وجوائزه الكثيرة التي كان يبعثها إليه بين الحين والآخر.
ومع ذلك لمّا سمع أنّ أهل البيت عليهم السلام قد أُدخلوا في مجلس يزيد خرج من منزله وجاء إلى قصر الطاغية ليدافع عن حرم الله.
ولذلك عندما شاهد هذا العمل الشنيع من يزيد الطاغية لم يتحمّل السكوت واتّكأ على عصاه وقال : الويل لك يا يزيد ، أتضرب ثنايا أبي عبدالله عليه السلام؟ لطالما رأيت رسول الله صلى الله عليه واله يقبّلهما ويقول في حقّه وأخيه : «أنتما سيّدا شباب أهل الجنّة ، قاتل الله قاتلكما».
وما أن سمع يزيد الطاغية هذا الكلام من أبي برزة استشاط غضباً وأمر جلاوزته بإخراجه ثمّ عاد يضرب ثنايا أبي عبدالله عليه السلام أكثر ، وفيما هو كذلك إذا بغراب يحوم حول قصره وهو ينعق ، فتشاءم اللعين من نعيقه وارتعدت فرائصه واختطف لونه (١).
وكما في رواية سهل : أنّه لمّا جعل رأس سيّد الشهداء عليه السلام في طشت من ذهب وغطّوه بمنديل وجلس الطاغية أمامه شامتاً نعق الغراب فأنشد يزيد أشعاره الدالّة على كفره بالله تعالى.
وبينما كان يزيد مخطوف اللون شاحب الوجه من نعيق الغراب دخل عليه عالم
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٤٥ ص ١٣٣ مع اختلاف في العبارة.