وكيف لا تقول ذلك ، وقد نكأت القرحة ، واستأصلت الشأفة ، بإراقتك دماء ذرّية آل محمّد ونجوم الأرض من آل عبدالمطّلب؟!
أتهتف بأشياخك؟ زعمت تناديهم ، فلتردنّ وشيكاً موردهم ، ولتودّنّ أنّك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت.
اللهمّ خذ بحقّنا ، وانتقم ممّن ظلمنا ، واحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حماتنا. فوالله ما فريت إلّا جلدك ولا جززت إلّا لحمك ، ولتردنّ على رسول الله صلى الله عليه واله بما تحمّلت من سفك دماء ذرّيته وانتهاك حرمته في لحمته وعترته ، وليخاصمنّك حيث يجمع الله تعالى شملهم ، ويلمّ شعثهم ، ويأخذ لهم بحقّهم (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (١). فحسبك بالله حاكماً ، وبمحمّد خصماً وبجبرائيل ظهيراً ، وسيعلم من سوّل لك ومكّنك من رقاب المسلمين ، أن بئس للظالمين بدلاً ، وأيّكم شرّ مكاناً وأضعف جنداً.
ولئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك ، فإنّي لأستصغر قدرك ، وأستعظم تقريعك ، وأستكبر توبيخك ، لكن العيون عبرى ، والصدر حرّى.
ألا فالعجب كلّ العجب بقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء ، فتلك الأيدي تنظف من دمائنا ، وتلك الأفواه تتحلّب من لحومنا ، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تتنابها العواسل وتعفوها الذئاب ، وتؤمّها الفراعل ، ولئن اتّخذتنا مغنماً لتجدنا وشيكاً مغرماً ، حين لا تجد إلّا ما قدّمت يداك ، وأنّ الله ليس بظلّام للعبيد ، فإلى الله المشتكى ، وعليه المعوّل.
فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فوالله لاتمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا تدرك أمدنا ، ولا ترحض عنك عارها ، ولا تغيب شنارها ، فهل رأيك إلّا فند وأيّامك إلّا عدد ، وشملك إلّا بدد ، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين.
__________________
(١) آل عمران : ١٦٩.