فقال يزيد : إنّك لا تعرف من هذا إنّه من أهل بيت زقّوا العلم زقّاً ، وهو لا ينزل إلّا بفيضحتي وفيضحة آل أبي سفيان وأخاف أن يحصل من خطبته فتنة علينا (١) ، فأصرّ الناس عليه أن يأذن له فأذن ، فصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه وقال :
«أيّها الناس ، أُعطينا ستّاً وفضّلنا بسبع ، أُعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبّة في قلوب المؤمنين ، وفضّلنا بأنّ منّا النبي المختار محمّداً صلى الله عليه واله ، ومنّا الصدّيق ، ومنّا الطيّار ، ومنّا أسد الله وأسد الرسول ، ومنّا سيّدة نساء العالمين فاطمة البتول ، ومنّا سبطا هذه الأُمّة وسيّدا شباب أهل الجنّة.
فمن عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي.
أنا ابن مكّة ومنى ، أنا ابن زمزم والصفا ، أنا ابن مَن حمل الزكاة بأطراف الرداء ، أنا ابن خير من ائترز وارتدى ، ، أنا ابن خير من انتعل واحتفى ، أنا ابن خير من طاف وسعى ، أنا ابن خير من حجّ ولبّى ، أنا ابن من حُمل على البراق في الهواء ، أنا ابن من أُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، فسبحان من أسرى ، أنا ابن من بلغ به جبرائيل إلى سدرة المنتهى ، أنا ابن من دنا فتدلّى فكان من ربّه قاب قوسين أو أدنى ، أنا ابن من صلّى بملائكة السماء ، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى ، أنا ابن محمّد المصطفى.
أنا ابن علي المرتضى ، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتّى قالوا لا إله إلّا الله ، أنا ابن من ضرب بين يدي رسول الله بسيفين ، وطعن برمحين ، وهاجر الهجرتين ، وبايع البيعتين ، وصلّى القبلتين ، وقاتل ببدر وحنين ، ولم يكفر بالله طرفة عين. أنا ابن صالح المؤمنين ، ووارث النببيّين ، وقامع الملحدين ، ويعسوب المسلمين ، ونور المجاهدين ، وزين العابدين ، وتاج البكّائين ، وأصبر الصابرين ، وأفضل القائمين من آل ياسين ورسول ربّ العالمين ، أنا ابن المؤيّد بجبرائيل ، والمنصور
__________________
(١) راجع نفس المهموم ص ٤٥٠.