انكبّ على ثنايا الحسين عليه السلام يقبّلها وهو يقول : يا ولدي قتلوك أتراهم ما عرفوك ومن شرب الماء منعوك ، يا ولدي أنا جدّك رسول الله وهذا أبوك علي المرتضى وهذا أخوك الحسن وهذا عمّك جعفر وهذا عقيل وهذان حمزة والعبّاس. ثمّ جعل يعدّد أهل بيته عليهم السلام واحداً بعد واحد. تقول هند : فانتبهت من نومي فزعة مرعوبة وإذا بنور قد انتشر على رأس الحسين عليه السلام ، فجعلت أطلب يزيد وهو قد دخل إلى بيت مظلم وقد دار وجهه إلى الحائط وهو يقول : ما لي وللحسين ، وقد وقعت عليه الهمومات فقصصت عليه المنام وهو منكّس الرأس.
ولمّا أصبح الصباح استدعى حرم رسول الله صلى الله عليه واله وقال لهنّ : أيّهما أحبّ إليكنّ ، المقام عندي أو الرجوع إلى المدينة ولكم الجائزة السنيّة. قالوا : نحبّ أوّلاً أن ننوح على الحسين عليه السلام قال : افعلوا ما بدا لكم. ثمّ أخليت لهنّ الحجر والبيوت في دمشق ولم تبق هاشمية ولا قرشية إلّا ولبست السواد على الحسين عليه السلام وندبوه على ما نقل سبعة أيّام (١).
يقول ابن نما : وكنّ النساء مدّة مقامهنّ بدمشق ينحن عليه بشجو وأنّة ويندبن بعويل ورنّة ومصاب الأسرى عظم خطبة والأسى لكم الثكلي عال طبه ، وأسكن في مساكن لا يقين من حرّ ولا برد حتّى تقشّرت الجلود وسال الصديد بعد أن كنّ في الخدور وظلّ الستور ، والصبر ظاعن والجزع مقيم والحزن لهنّ نديم (٢).
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٤٥ ص ١٩٦.
(٢) راجع : بحار الأنوار ج ٤٥ ص ١٩٦ ، نور الأبصار ص ١٣٥.