رقيّة عليها السلام بين القتلى.
فتوجّهنا نحو القتلى وإذا بالسيّدة رقيّة عليها السلام قد ألقت بنفسها على جسد أبيها وهي تشكو إليه ما جرى عليهم.
فهدّأتها السيّدة زينب عليها السلام ورفعتها عن جسد والدها.
ولم تمض لحظات إذا بالسيّدة سكينة تأتي فرجعوا معاً ، وفي أثناء الطريق التفت السيّدة سكينة إلى السيّدة رقيّة عليها السلام وقالت : كيف وجدت جسد أبي؟ فأجابتها السيّدة رقية : بينما كنت أصيح في البيداء أبتاه .. أبتاه .. إذا بصوت والدي يتهادى إلى سمعي قائلاً : بنيّة إليّ إليّ .. (١).
رأت زينب صدر الحسين مرضضاً |
|
فصاحت ونار الحزن في القلب تضرم |
وصكّت من الضرب المبرح وجهها |
|
ولم تر صبراً من جوى الثكل يعصم |
تقول أخي قد كنت نوراً لشملنا |
|
فياسورنا لِمَ أنت فينا مهدم |
أخي يا أخي قد كنت كنزاً لفقرنا |
|
فها أنت في أيدي العدى تتقسّم |
أخي يا أخي قد كنت كهفاً لعزّنا |
|
ألم ترنا بالذلّ نسبى ونشتم |
أخي زوّد الأطفال وعداً وأوبة |
|
فليس سوى الباري وإيّاك يرحم |
أخي زوّد الولهى سكينة نظرة |
|
فمهجتها حرّى وعبرتها دم |
أخي تهتوي التقبيل منك سكينة |
|
وشمر لها بالسوط ضرباً يؤلم |
أخي فاطم الصغرى تحبّ التفاتة |
|
وحقّك هذا قلبها فيك مغرم |
أخي بنتك الأُخرى رقيّة ضمّها |
|
إليك فأحشاها من الوجد تضرم |
تقولا هلمّي يا سكينة نرتمي |
|
على والدي دعنا من الموت نسلم |
وإلّا فقومي ودعيه فإنّه |
|
يروم ارتحالاً بعده ليس يقدم |
ولم أنس وجداً أُمّ كلثوم تشتكي |
|
إلى جدّها يا جدّ لو كنت تعلم |
__________________
(١) سرگذشت جانسوز حضرة رقيّه عليها السلام ص ٢٧.