«التوسّلات» فقال : ذكر القصّة التالية أحد الوعّاظ المشهورين في فنّ الخطابة والذي سافر أكثر من مرّة لزيارة السيّدة رقيّة عليها السلام في إحدى محاضراته فقال : أهدت إحدى النساء الفرنسيات لحرم السيّدة رقيّة عليها السلام سجّادتين فاخرتين ممّا أثار تعجّب الناس واستغرابهم ، فهم يعلمون أنّ المرأة مسيحية ، ولا ربط لها بالإسلام ، ومع ذلك تأتي من فرنسا وتقدّم هذه الهدية القيّمة؟!
بقي الناس يتساءلون بينهم عن سبب الهدية فحملهم الشوق لمعرفة السبب إلى السؤال من المرأة ، فقالت :
كما ترون ، فإنّني لست مسلمة ، إلّا أنّني وقبل سنوات جئت إلى هنا بمهمّة ونزلت في إحدى المنازل القريبة من الحرم الشريف ، وفي أوّل ليلة ـ وكنت متعبة جدّاً ـ أردت النوم وإذا بي أسمع صوت بكاء شديد ، وحيث أنّ بكاء الزوّار لم يكن ينقطع ، تساءلت من البعض وقلت لهم : من أين هذا البكاء؟ فقالوا : هذا البكاء في حرم طفلة يتيمة مدفونة بالقرب منّا.
في البدء تصوّرت أنّ الطفلة كانت قد ماتت للتوّ والذين يبكون هم أقرباءها إلّا أنّهم قالوا لي : لقد مضى على وفاتها الف عام.
فازداد تعجّبي وتساءلت في نفسي وقلت : لماذا يصنع الناس هكذا بعد مضي مئات السنين على وفاة هذه الطفلة؟! فتبيّن لي فيما بعد أنّ هذه الطفلة تفرق عن سائر الأطفال العاديين ، إنّها طفلة الإمام الحسين عليه السلام الذي قتل الأعداء والدها ظلماً وعدواناً ثمّ سبوا عياله إلى الشام ـ عاصمة يزيد ـ فماتت الطفلة من غصّة فراق أبيها دفنها أهل البيت عليهم السلام في هذا المحلّ.
وحينما جئت إلى الحرم الشريف وشاهدت العشّاق الذين أقبلوا من مختلف بلاد العالم كيف ينذرون ويقدّمون الهدايا للحرم الشريف ويتوسّلون إلى الله تعالى بمقام السيّدة رقيّة عليها السلام كي يقضي حوائجهم ، وقعت محبّة هذه الطفلة بقلبي وأحسست بالإنشداد العظيم إليها منذ أن شاهدت حرمها المبارك.