ولم يقل شيئاً أبداً.
ويا سبحان الله ، فقد دخلنا السعودية وفي الساعة الحادية عشرة صباحاً من اليوم الثاني كنّا عند قبور أهل البيت عليهم السلام في البقيع بعد أن أجّرنا منزلاً لاستراحتنا في المدينة.
وبالرغم أنّنا دخلنا السعودية إلّا أنّ القلق كان يراودنا كثيراً ، فبعد أن زرنا المدينة وأدّينا بعض الأعمال هناك قال والدك : ربما لا يسمحوا لنا أن نذهب إلى مكّة فمن الأفضل أن نذهب إلى مكّة ونؤدّي أعمال العمرة المفردة قبل أن يذهب الحجّاج ويزدحم الطريق.
ولذلك فقد تحرّكنا في الخامس أو السادس من ذي القعدة نحو مكّة مع أحد الشيعة الذي أخذنا معه في سيارته ـ وقد قام الرجل بجميع مستلزمات السفر ـ وكلّما مررنا على نقطة مرور كان يأخذ الجوازات ويريهم إيّاها ثمّ يعود إلى أن وصلنا إلى مكّة المكرّمة في حدود الساعة الثانية عشرة ليلاً.
بالطبع أنّنا قبل أن ندخل مكّة أحرمنا في «مسجد الشجرة» وأدّينا الأعمال اللازمة في نفس الليلة التي وصلنا فيها إلى أذّن الصبح فصلّينا صلاة الصبح واسترحنا قليلاً ثمّ ذهبنا إلى مقرّ السيارات التي تذهب إلى المدينة. إلّا أنّنا لم نجد أحداً أصلاً فقلت في نفسي : إلهي ، أنت الذي جئت بنا إلى ضيافتك هنا فلا تتركنا في هذه المخمصة لوحدنا. وما هي إلّا لحظات إذا بسيارة حديثة جدّاً تقف أمامنا ، وبعد أن تكلّم السائق مع والدك ببعض الكلمات قال : اركبوا ، وأخذنا معه إلى المدينة وقد رفض أن يأخذ الأُجرة بتاتاً.
وبعد مدّة من إقامتنا في المدينة المنوّرة وكان الحجّاج يتوافدون من كلّ حدب وصوب أخذ رؤساء الحملات والكثير من الحجّاج الذين يعرفون والدك يتوسّلون به ويطلبون منه أن يلتحق بهم كمرشد لحملاتهم فقبل والدك الالتحاق بحملة الحاج سيّد محسن آل أحمد لأنّه كان يصرّ كثيراً على والدك.
واستمرّ الحال على ذلك إلى أن أدّينا أعمال الحجّ كافّة دون أن يتعرّض لنا أحد أصلاً ثمّ ركبنا بالقرب من جسر أبو طالب أحد السيارات في مكّة وعدنا إلى مدينة قم المقدّسة ومنها انتقلنا إلى مدينة طهران.