الإلهية نازلة وصاعدة من السماء على المكان الذي تسكن فيه هالها المنظر الرهيب وانطلقت نحو موضع النور فوجدت رأس الإمام الحسين عليه السلام ولكنّه كان أمام يزيد في مجلسه فدخلت عليه بدون حجاب وكان يزيد يقول : هذا رأس ابن بنت رسول الله في بيتنا ، ولمّا رأى اللعين زوجته مكشفة الرأس نهض إليها وغطّى رأسها وقال لها : أبكي وانحبي على الحسين فإنّه كان صريخ بني هاشم وقد تعجّل ابن زياد قتله (١).
وذات مرّة شاهدت هند في عالم الرؤيا ملائكة الله تنزّل من السماء على رأس الإمام الحسين عليه السلام وتطوف حوله ثمّ تسلّم عليه ، ولمّا استيقظت ذهبت إلى يزيد لتخبره بالرؤيا فوجدته في إحدى الغرف وهو جالس يبكي ويقول : مالي ومال الحسين ، فعلمت أنّ يزيد هو الآخر قد شاهد ما رأته هي.
نعم لقد تعرّض يزيد إلى موجة عظيمة من السخط الجماهيري وكلّما حاول أن يتدارك الأمر بالخطابات التعسّفية اتّجاه أهل البيت عليهم السلام لم ينجح أبداً ، وغاية ما حقّقه هو أنّه ألقى بالذنب كلّه على ابن زياد لكي ينجو هو من هذه الورطة ، ولكن حتّى هذا الأمر لم يخف على الناس بعدما عرفوا رسالته إلى والي المدينة يطالبه في أخذ بيعة أهل المدينة له وكان في ضمن هذه الرسالة رسالة صغيرة كتب فيها خذ البيعة من الحسين أيضاً فإن امتنع اضرب عنقه (٢).
ولا يخفى أنّ الذي دعا يزيد إلى ذلك هو علمه الواضح أنّ الخليفة الشرعي هو ابن رسول الله صلى الله عليه واله وأنّه مورد اتّفاق جميع المسلمين ، وكان يعلم أيضاً أنّ الناس بايعوا معاوية خوفاً من سطوته لا حبّاً له ، وبهذا فشل يزيد في تبرئة نفسه من دم الحسين الشهيد عليه السلام
__________________
بهذه الأساليب ، وقد ذكر ابن قتيبة في الأمامة والسياسة كيف أنّ يزيد رغب في جمال أُرينب فعمل معاوية على طلاقها من زوجها عبدالله بن سلام ج ١ ص ٦١ وقد ذكر مؤلّف كتاب نهاية الارب ج ٦ ص ١٨٠ هذه القصّة كاملة لكنّه أبدل أرينب بـ «زينب».
(١) مقتل العوالم ص ١٥١ ، وتاريخ الطبري ج ٦ ص ١٥٠.
(٢) تاريخ الطبري ج ٦ ص ١٨٨ ، وتاريخ ابن الأثير ج ٤ ص ٥ ، والبداية ج ٨ ص ١٤٦.