وصرّحوا بجواز لعنه لأنّه خارج عن الدين مستدلّين على ذلك بمثل هذه الأشعار المصرّح بها بالكفر.
فقد نقل أنّه لمّار رأى سبايا آل محمّد صلى الله عليه واله على الجمال على ربى جيرون وسمع صوت الغراب ينعق قال :
لمّا بدت تلك الحمول وأشرقت |
|
تلك الشموس على ربي جيرون |
نعب الغراب فقلت قل أولا تقل |
|
فقد اقتضيت من الرسول ديونِ (١) |
وممّن صرّح بكفر يزيد من علماء أهل السنّة القاضي أبو يعلى وأحمد بن حنبل وابن الجوزي (٢) والكياهرسي (٣) والشيخ محمّد البكري وسعد التفتازاني (٤).
فمن الكلام للجاحظ قال فيه : إنّ الجرائم التي ارتكبها يزيد من قتله للإمام الحسين عليه السلام وإخافته لأهل المدينة وخرابه الكعبة وأسره لبنات رسول الله صلى الله عليه واله وضربه ثنايا الحسين عليه السلام بالعصا ، ألا تُعد دليلاً على قساوته وعداوته وكرهه وحقده وعناده ونفاقه ، أمّ أنّها تدلّ على محبّته وإخلاصه للنبي وآله عليهم السلام؟
ثمّ إنّه قال : وعلى أي حال فهذه الأعمال مصداق لنفسه وضلاله ، فهو فاسق ملعون وكلّ من منع من لعنه فهو ملعون (٥).
كما لم يتردّد العلّامة الآلوسي في لعن يزيد ، الذي جمع الخصائص الخبيثة وقضى أيّام حياته بارتكاب المعاصي الكبيرة والإصرار عليها ، فمن خباثته وفسقه ما ارتكبه في مكة ورضاه بقتل الإمام الحسين ـ على جدّه وعليه أفضل السلام ـ بل وسروره لقتله ، وإهانته لآل الحسين عليه السلام ، واعتقد الآلوسي أنّ هذا الخبيث لم يعتقد بالرسالة الخاتمة
__________________
(١) روح المعاني ج ٨ ص ١٢٥ في تفسير قوله : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ).
(٢) تذكرة الخواص ص ١٦٢.
(٣) وفيّات الأعيان.
(٤) السيرة الحلبية ج ١ ص ١٧٢.
(٥) رسائل الجاحظ ص ٢٩٨.