يقضي فيها أوقات اللهو وساعات المجون أيّام الحجّ (١).
كما أنّ أحدهم تفأّل بالقرآن الكريم وإذا به يقرأ قوله تعالى : (وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) (٢) ، فوضع القرآن ورماه بسهامه وقال :
تهدّدني بجبّار عنيد |
|
فها آنذا جبّار عنيد |
فإذا ما جئنا يوم حشر |
|
فقل يا ربّ مزّقني الوليد (٣) |
بالطبع فإنّ الشيعة لهم اختلاف أساسي مع السنّة في مسألتين وهما : الخلافة والمرجعية الدينية.
وحيث إنّ الحكومات الجائرة على مرّ التاريخ كانت تطارد الشيعة وتضيّق عليهم الخناق في معتقداتهم فإنّ الكثير منهم حرم من نعمة جوار الأئمّة عليهم السلام ونزلوا البلاد النائية.
وبالرغم أنّ المضايقات الشديدة التي لاقاها الشيعة الموالون لا تكاد تعدّ أو تحصى إلّا أنّهم كانوا يوماً بعد الآخر يزدادون اعتقاداً بأئمّتهم خاصّة سيّد الشهداء عليه السلام الذي قتل جوراً بيد الطاغية يزيد وأعوانه الطغاة.
ولعلّ خير شاهد على هذا الكلام أنّ الشيعة لمّا أحسّوا بالفرج أيّام الإمام الباقر عليه السلام حيث كانت الحكومة الأموية مشغولة بنفسها أخذوا يتقاطرون عليه من كلّ حدب وصوب وبقوا ينهلون ويستفيدون من علومه المباركة.
وقد بلغت هذه الحالة حدّاً بحيث إنّ القرن الأوّل للهجرة لم ينته إلّا والشيعة قد نزلوا قم وعمّروها (٤).
ومع أنّ الشيعة كانوا يعملون بالتقيّة كما أوصاهم الأئمّة الأطهار عليهم السلام إلّا أنّ الكثير
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ج ٣ ص ٧٣.
(٢) سورة إبراهيم : ١٥.
(٣) مروج الذهب ج ٣ ص ٢٢٨.
(٤) معجم البلدان مادّة قم.