الموضع الذي كانت دار «أم هاني» فيه. وهي أول سقاية حفرت بمكة ، وكانت العرب إذا استقوا منها ارتجزوا :
نروي على العجول ثم ننطلق |
|
إنّ قصياً قد وفى وقد صدق |
ثم حفر قصي بئراً سماها «سجلة» وقال فيها (١) :
أنا قصي وحفرت سجلة |
|
تروي الحجيج زغلة فزغلة |
وكان هاشم ـ أيام الموسم ـ يجعل حياضاً من ادم في موضع زمزم لسقاية الحاج ويحمل الماء إلى منى لسقايتهم وهو يومئذٍ قليل (٢).
ثم إنّه حفر بئراً سماها «البندر» وقال : إنّها بلاغ للناس فلا يمنع منها أحداً (٣).
وأما عبد المطلب فقد قام بما كان آباؤه يفعلونه من سقاية الحاج ، وزاد على ذلك ، أنّه لما حفر زمزم وكثر ماؤها أباحها للناس ، فتركوا الآبار التي كانت خارج مكة لمكانها من المسجد الحرام ، وفضلها على من سواها لأنها بئر إسماعيل (٤).
وزاد عبد المطلب في سقاية الحاج بالماء أن طرح الزبيب فيه ، وكان يحلب الابل فيضع اللبن مع العسل في حوض من أدم عند زمزم لسقاية الحاج (٥).
ثم قام أبو طالب مقامه بسقي الحاج وكان يجعل عند رأس كلّ جادة حوضاً فيه الماء ليستقي منه الحاج ، وأكثر من حمل الماء أيام الموسم ، ووفره في المشاعر فقيل له : «ساقي الحجيج».
أما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام فقد حوى أكثر مما حواه والده الكريم
__________________
(١) الروض الانف ١ / ١٠١.
(٢) شرح النهج ٣ / ٤٥٧.
(٣) الروض الانف ١ / ١٠١.
(٤) سيرة ابن معلان بهامش السيرة الحلبية ١ / ٢٦.
(٥) السيرة الدحلانية ١ / ٢٦.