لكنت كالساعى إلى مثعب موائلا من سبل (١) الراعد ، إذ المد فى مثله ليس فى غاية الثقل كما ذكرنا ، ولذلك لم يحذف فى المجرد عن التاء الصحيح اللام ، بل حذفه لأدنى ثقل فيه ، حملا على الثلاثى كما مر ، مع قصد الفرق بين المذكر والمؤنث ، واجتماع المثلين المتحركين فى كلمة (٢) وتحرك الواو والياء عينين مع انفتاح
__________________
(١) أخذ هذه العبارة من بيت لسعيد بن حسان بن ثابت وهو مع بيت قبله :
فررت من معن وإفلاسه |
|
إلى اليزيدىّ أبى واقد |
وكنت كالسّاعى إلى مثعب |
|
موائلا من سبل الرّاعد |
ومعن المذكور هنا هو معن بن زائدة الشيبانى الذى يضرب به المثل فى الجود ، وإنما أضاف الافلاس إليه لأن الأفلاس لازم للكرام غالبا ، والمراد باليزيدى أحد أولاد يزيد بن عبد الملك ، والمثعب ـ بفتح الميم وسكون الثاء المثلثة وفتح العين المهملة ـ : مسيل الماء. وموائل : اسم فاعل من واءل إلى المكان مواءلة ووئالا : أى بادر. والسبل ـ بفتحتين ـ : المطر. والراعد : السحاب ذو الرعد
(٢) هذا الذى ذكره المؤلف فى تعليل عدم حذف المد من فعولة وفعيلة المضاعفين مسلم فى فعولة وليس بمسلم فى فعيلة ، لأنه بعد حذف حرف المد من نحو شديدة تفتح العين فيصير شددا كلبب ومثل هذا الوزن يمتنع الأدغام فيه لخفته ولئلا يلتبس بفعل ساكن العين. قال المؤلف فى باب الأدغام : «وإن كان (يريد اجتماع المثلين) فى الاسم ، فأما أن يكون فى ثلاثى مجرد من الزيادة أو فى ثلاثى مزيد فيه ، ولا يدغم فى القسمين إلا إذا شابه الفعل ، لما ذكرنا فى باب الأعلال من ثقل الفعل فالتخفيف به أليق ، فالثلاثى المجرد إنما يدغم إذا وازن الفعل نحو رجل صب. قال الخليل : هو فعل ـ بكسر العين ـ لأن صببت صبابة فأنا صب كقنعت قناعة فأنا قنع ، وكذا طب طبب ، وشذ رجل ضفف ، والوجه ضف ، ولو بنيت مثل نجس (بضم العين) من رد قلت : رد بالأدغام ، وكان القياس أن يدغم ما هو على فعل كشرر وقصص وعدد لموازنته الفعل ، لكنه لما كان الأدغام لمشابهة الفعل الثقيل وكان مثل هذا الاسم فى غاية الخفة لكونه مفتوح