ولينا أكثر مما فى التاء ، فهو بحال الوقف الذى هو موضع الاستراحة أولى ، ولذلك تزاد الهاء فى الوقف فيما ليس فيه ـ أعنى هاء السكت ـ نحو : أنه ، وهؤلاه ، وإنما تصرف فى الاسمية بالقلب دون الفعلية لأصالة الاسمية ؛ لأنها لاحقة بما هى علامة تأنيثه ، بخلاف الفعلية فإنها لحقت الفعل دلالة على تأنيث فاعله ، والتغيير بما هو الأصل أولى ؛ لتمكنه.
وقال ثعلب : إن الهاء فى تأنيث الاسم هو الأصل ، وإنما قلبت تاء فى الوصل إذ لو خليت بحالها هاء لقيل : رأيت شجرها ، بالتنوين ، وكان التنوين يقلب فى الوقف ألفا كما فى «زيدا» فيلتبس فى الوقف بهاء المؤنث ، فقلبت فى الوصل تاء لذلك ، ثم لما جىء إلى الوقف رجعت إلى أصلها ، وهو الهاء
وإنما لم يقلب التنوين عند سيبويه ألفا بعد قلب التاء هاء خوفا من اللبس أيضا ، كما قلنا
وزعم أبو الخطاب أن ناسا من العرب يقفون على الاسمية أيضا [بالتاء] قال :
٩١ ـ الله نجّاك بكفّى مسلمت |
|
من بعد ما وبعد ما وبعدمت (١) |
__________________
(١) هذه الأبيات من الرجز المشطور ، ولم نقف لها على قائل ، ومسلمت ـ بفتح الميم واللام ـ : اسم شخص ، وأصله مسلمة ، و «ما» فى قوله «من بعد ما» يجوز أن تكون مصدرية ، وأن تكون كافة مسوغة لبعد أن يليها الفعل ؛ لأن من حق بعد أن تضاف إلى المفرد ، لا إلى الجمل ، والفعل على الوجهين هو قوله «صارت» وما عطف عليه. وقد كرر «بعد ما» ثلاث مرات لقصد التهويل وتفخيم الحال ، وحينئذ يجوز أن تكون الثانية والثالثة توكيدا للاولى من توكيد المفرد بالمفرد ، ويجوز أن تكون كل واحدة منها مضافة إلى فعل مثل المذكور ، وعلى هذا الوجه الثاني يجوز أن يكون الفعل المذكور مضافا إليه الأول أو الثانى أو الثالث ، كقوله :
يا من رأى عارضا أسرّ به |
|
بين ذراعى وجبهة الأسد |