رءوس الآى ومقاطع الكلام ، يعنى أن الواو والياء الساكنين فى الفعل الناقص نحو يغزو ويرمى لا يحذفان وقفا ، لأنه لم يثبت حذفهما فى الوصل ؛ لئلا يلتبس بالمجزوم ، إلا للضرورة أو شاذّا ، كقولهم «لا أدر» ، وقوله تعالى (ما كُنَّا نَبْغِ) و (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ) ولا يقولون «لا أرم» وهذا كما قالوا «لم يك زيد» ولم يقولوا «لم يه» بمعنى يهن ، فاذا وقع الواو والياء المذكوران فى الفواصل وصلا جاز حذفهما والاجتزاء بحركة ما قبلهما ، كقوله تعالى (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) وذلك لمراعاة التجانس والازدواج ، فيجب إذن بناء على ذلك حذفهما إذا وقفت على تلك الفواصل المحذوفة اللامات فى الوصل ، وكذا القوافى يحذف فيها كثيرا مثل ذلك ؛ للازدواج ، لا للوقف ، وإلا حذف للوقف فى غير القوافى أيضا ؛ فثبت أنه يحذف فيهما ما لا يحذف فى غيرهما ، قال :
٩٧ ـ ولأنت تفرى ما خلقت وبع |
|
ض القوم يخلق ثمّ لا يفر (١) |
__________________
(١) هذا البيت من قصيدة طويلة لزهير بن أبي سلمى المزنى يمدح فيها هرم بن سنان ، وقد ذكروا أن أولها :
لمن الدّيار بقنّة الحجر |
|
أقوين مذ حجج ومذ دهر |
ويقال : بل مطلعها قوله :
دع ذا وعدّ القول فى هرم |
|
خير البداة وسيّد الحضر |
والقنة : أعلى الشيء ، والحجر : اسم مكان بعينه ، وأقوين : خلون وأصبحن ولا أنيس بهن ، وقوله «مذحجج» يروى في مكانه «من حجج» والحجج : السنون. و «تفرى ما خلقت» ضربه مثلا لعزمه ، وتقول : فرى فلان الأديم يفريه ، إذا قطعه على وجه الاصلاح ، ويقال : أفراه ، إذا قطعه على وجه الافساد ، وكأن الهمزة فيه للسلب ، و «تخلق» بمعنى تقدر. والمراد أنك إذا تهيأت لأمر وقدرت له أسبابه أمضيته ، وبعض الناس يقدر ثم تقعد به همته عن إنفاذه. والاستشهاد بالبيت فى قوله «يفر» على أن أصله يفري ؛ فحذفت الياء وسكنت الراء للوقف ، وهم لا يبالون عند الوقف بتغيير الوزن وانكساره