السكون ، كما فى قولك «مررت بالمسلمين» والقوافى كلها موقوف عليها وإن لم يتم الكلام دون ما يليها من الأبيات ، ولهذا قلما تجد فى الشعر القديم نحو الشجرتى بالتاء وبعدها الصلة ، بل لا يجىء إلا بالهاء الساكنة ، وإنما كثر ذلك فى اشعار المولدين ؛ فعلى هذا التقرير ليس قوله «القصبّا» بشاذ ضرورة كما ليس تحريك نون «الأندرينا» وتحريك الراء فى قوله :
١١٣ ـ لعب الرّياح بها وغيّرها |
|
بعدى سوافى المور والقطر (١) |
لأجل حرف الاطلاق بشاذين اتفاقا ، مع أن حق الحرفين السكون لو لم يكونا فى الشعر ، ولعدم كونه شاذا ترى تحريك المضعف للاطلاق فى كلامهم كثيرا ، قال رؤبة :
لقد خشيت أن أرى جدبّا |
|
فى عامنا ذا بعد أن أخصبّا (٢) |
__________________
وألا : حرف يفتتح به الكلام ، ويقصد به تنبيه المخاطب لما يأتى بعده ، وهبى : فعل أمر من الهبوب ، وهو الانتباه من النوم ، واصبحينا : فعل أمر من صبح القوم يصبحهم ـ من باب نفع ـ أى : سفاهم الصبوج وهو شرب الغداة ، ويقابله الغبوق ، والأندرين : قرية بالشام مشهورة بالخمر ، ويقال : إن اسم القرية أندر ، وإنما جمعها يريدها وما حولها. والاستشهاد بالبيت فى قوله «الأندرينا» حيث ألحق بها ألف الأطلاق ، وحقها السكون لو لا الاضطرار
(١) هذا البيت من قصيدة لزهير بن أبى سلمى المزنى ، وقد مضى قريبا ذكر شاهدين منها ، وذكرنا هناك مطلعها مشروحا ، والضمير فى قوله «بها» يعود إلى الديار ، والسوافى : جمع سافية ، اسم فاعل من قولك : سفت الريح التراب تسفيه إذا ذرته ، والمور ـ بضم الميم ـ : الغبار ، والقطر : المطر ، وكان أبو عبيد يقول : ليس للقطر سوافى ، ولكنه أشركه فى الجر. يريد تغيرت هذه الديار بما أثارته الرياح عليها من الغبار ، وبما تتابع عليها من المطر. والاستشهاد بالبيت فى قوله «والقطر» حيث حرك الراء بالكسر لأجل حرف الأطلاق وهو الياء
(٢) هذه أبيات من الرجز المشطور لرؤبة بن العجاج ، و «جدبا» : يريد الجدب