إنّ الدّبا فوق المتون دبّا |
|
وهبّت الرّيح بمور هبّا |
تترك ما أبقى الدّبا سبسبّا |
|
كأنّه السّيل إذا اسلحبّا |
أو الحريق وافق القصبّا |
|
والتّبن والحلفاء فالتهبّا |
وليس فى كلام سيبويه ما يدل على كون مثله شاذا أو ضرورة ، بلى إنما لم يكثر مثله غاية الكثرة لقلة تضعيفهم فى الوقف لما ذكرنا أن الوقف حقه التخفيف لا التثقيل ؛ فقلة مثل القصبّا وعيهلّ مثل قلة نحو جاءنى جعفرّ ويجعلّ ، وكان الواجب أن لا يلحق التضعيف المنصوب المنون فى نحو قوله :
* تترك ما أبقى الدّبا سبسبّا*
لأن حقه أن يتحرك حرف إعرابه فى الوقف ويقلب تنوينه ألفا لا غير ، ومع تحرك حرف الإعراب فى الوقف ، لا لأجل الإتيان بحرف الاطلاق ؛ لا يضعف ، لكن الشاعر حمل النصب على الرفع والجر وقاسه عليهما كما فى لغة ربيعة
واعلم أن النحاة قالوا : إن الشاعر فى نحو قوله عيهلّ والقصبّا أجرى الوصل مجرى الوقف ، يعنون أن حرف الإطلاق هو الموقوف عليه ، إذ لا يؤتى به إلا للوقف عليه ، فاذا كان هو الموقوف عليه لم يكن ما قبله موقوفا عليه ، بل فى درج الكلام ، وهذا إجراء الوصل مجرى الوقف ، هذا ، وقال سيبويه : حدثنى من أثق به أنه سمع أعرابيا يقول : أعطنى أبيضّه ، يريد أبيضّ ، والهاء للسكت ، وهو
__________________
فنقل حركة الباء إلى الدال الساكنة ثم ضعف الباء ، والدبا : الجراد ، والمور : الغبار والسبسب ـ بزنة جعفر ـ : القفر والمفازة ، وتشديد الباء فيه ضرورة كما سيقول المؤلف ، واسلحب : امتد ، والقصبا : يريد القصب فشدد الباء ، والتهبا كذلك ، والاستشهاد بهذه الأبيات فى قوله «جدبا ، والقصبا ، والتهبا ، وأخصبا ، وسبسبا» حيث ضعف أواخرها للوقف ثم حركها ضرورة