وفيها لغتان : المدّ ، وهى لغة أهل الحجاز ، وهى الواردة فى القرآن العزيز ، والقصر ، وهى لغة بنى تميم.
وأشار بقوله : «ولدى البعد انطقا بالكاف ـ إلى آخر البيت» إلى أن المشار إليه له رتبتان : القرب ، والبعد ؛ فجميع ما تقدم يشار به إلى القريب ،
__________________
أخف الحركات ، وهذه لغة بنى أسد ، والضم ؛ لإتباع حركة الذال ، وهذا الوجه أضعف الوجوه الثلاثة «المنازل» جمع منزل ، أو منزلة ، وهو محل النزول ، وكونه ههنا جمع منزلة أولى ؛ لأنه يقول فيما بعد «منزلة اللوى» ـ واللوى ـ بكسر اللام مقصورا ـ موضع بعينه «العيش» أراد به الحياة.
المعنى : ذم كل موضع تنزل فيه بعد هذا الموضع الذى لقيت فيه أنواع المسرة ، وذم أيام الحياة التى تقضيها بعد هذه الأيام التى قضيتها هناك فى هناءة وغبطة.
الإعراب : «ذم» فعل أمر ، مبنى على السكون لا محل له من الإعراب ، وهو مفتوح الآخر للخفة أو مكسوره على الأصل فى التخلص من التقاء الساكنين أو مضمومه للاتباع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «المنازل» مفعول به لذم «بعد» ظرف متعلق بمحذوف حال من المنازل ، وبعد مضاف و «منزلة» مضاف إليه ، ومنزلة مضاف ، و «اللوى» مضاف إليه «والعيش» الواو عاطفة ، العيش : معطوف على المنازل «بعد» ظرف متعلق بمحذوف حال من العيش ، وبعد مضاف وأولاء من «أولائك» مضاف إليه ، والكاف حرف خطاب «الأيام» بدل من اسم الإشارة أو عطف بيان عليه.
الشاهد فيه : قوله «أولئك» حيث أشار به إلى غير العقلاء ، وهى «الأيام» ومثله فى ذلك قول الله تعالى : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) وقد ذكر ابن هشام عن ابن عطية أن الرواية الصحيحة فى بيت الشاهد* والعيش بعد أولئك الأقوام* وهذه هى رواية النقائض بين جرير والفرزدق ، وعلى ذلك لا يكون فى البيت شاهد ؛ لأن الأقوام عقلاء ، والخطب فى ذلك سهل ؛ لأن الآية الكريمة التى تلوناها كافية أعظم الكفاية للاستشهاد بها على جواز الإشارة بأولاء إلى الجمع من غير العقلاء