..................................................................................
__________________
أما رواية رفع «كل» ـ سواء أكانت «وليس كل النوى يلقى المساكين» أم كانت «وليس كل النوى تلقى المساكين» ـ فليس فعل ماض ناقص ، وكل : اسم ليس ، وكل مضاف ، والنوى : مضاف إليه ، ويلقى أو تلقى : فعل مضارع ، والمساكين : فاعله ، وجملة الفعل والفاعل فى محل نصب خبر ليس ، ولا شاهد فى هذا البيت على هاتين الروايتين لما نحن فيه ، وليس فيه إيهام لأمر غير جائز ، غير أن الكلام يحتاج إلى تقدير ضمير يربط جملة خبر ليس باسمها ، وأصل الكلام : وليس كل النوى يلقيه المساكين ، أو تلقيه المساكين.
فإن قلت : كيف جاز أن يروى «تلقيه المساكين» بتأنيث الفعل مع أن فاعله مذكر ، إذ المساكين جمع مسكين.
فالجواب عن ذلك : أن المساكين جمع تكسير ، وجمع التكسير يجوز فى فعله التذكير والتأنيث بإجماع النحاة بصريهم وكوفيهم ، سواء أكان مفرد جمع التكسير مذكرا أم كان مفرده مؤنثا ، ومن ورود فعله مؤنثا ـ مع أن مفرده مذكر ـ قول الله تعالى : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا ، قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا ، وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) فإن مفرد الأعراب أعرابى.
وأما رواية نصب كل والفعل «يلقى» بياء المضارعة ، فليس : فعل ماض ناقص ، واسمها ضمير شأن محذوف ، وكل مفعول مقدم ليلقى ، وكل مضاف والنوى : مضاف إليه ، ويلقى : فعل مضارع ، والمساكين : فاعله ، والجملة من الفعل والفاعل فى محل نصب خبر ليس ، ولا يجوز فى البيت على هذه الرواية غير هذا الوجه من الإعراب ، نعنى أنه لا يجوز أن يكون قوله المساكين اسم ليس مؤخرا ، ويلقى فعلا مضارعا فاعله ضمير مستتر يعود إلى المساكين ، وجملة يلقى وفاعله فى محل نصب خبر ليس تقدم على اسمها.
فإن قلت : فلم لا يجوز أن يكون المضارع مسندا إلى ضمير مستتر يعود إلى المساكين إذا روى البيت «وليس كل النوى يلقى المساكين» بنصب كل؟
فالجواب أن ننبهك إلى أن الفعل المسند إلى ضمير يعود إلى جمع التكسير لا يجوز أن يكون كفعل الواحد المذكر ، فأنت لا تقول : الأعراب قال ، ولا تقول : المساكين يلقى ، وإنما يجوز فيه حينئذ أن يكون ضمير الجماعة : فتقول : الأعراب قالوا ، وتقول