ـ إذا قرىء بالتاء المثناة من فوق ـ فيخرّج البيتان على إضمار الشأن :
والتقدير فى الأول «بما كان هو» أى : الشأن ؛ فضمير الشأن اسم كان ،
__________________
الأول : أن قوله «والبيت لم يرو إلا يلقى المساكين بالياء التحتية» غير صحيح ؛ فقد علمت أنه يروى بالياء التحتية والتاء الفوقية ، وهذه عبارة الشارح العلامة تنادى بأنه قد روى بالتاء ، وأن الاستشهاد بالبيت لمذهب الكوفيين إنما يتجه على رواية التاء ؛ فكان عليه أن يمسك عن تخطئته فى الرواية ، لأن الرواية ترجع إلى الحفظ لا إلى العقل ، ولا شك أنه اطلع على كلام شارحنا لأنه شرح شواهده.
الثانى : فى قوله «ولو كان المساكين اسم ليس لقال يلقون المساكين» ليس بصواب ، إذ لا يلزم على كون المساكين اسم ليس أن يقول الشاعر : يلقون المساكين ، بل يجوز له أن يقول ذلك ، وأن يقول : تلقى المساكين ، كما بينا لك ، وقد قال العبارة الثانية على رواية الجماعة من أثبات العلماء.
الثالث : أن تنظيره بقوله «كما تقول قاموا الزيدون ، على أن الجملة خبر مقدم والاسم بعدها مبتدأ مؤخر» ليس تنظيرا صحيحا ، لأن الاسم فى الكلام الذى نظر به جمع مذكر سالم ، ومذهب البصريين أنه لا يجوز فى فعله إلا التذكير ، فلم يتم له التنظير ، والله يغفر لنا وله!!
ومن مجموع ما قدمنا ذكره من الكلام على هذا البيت تتبين لك خمسة أمور :
الأول : أن ثلاث روايات لا يجوز على كل رواية منها فى البيت إلا وجه واحد من وجوه الإعراب.
الثانى : أنه لا شاهد فى البيت لمذهب الكوفيين على كل رواية من هذه الروايات الثلاث.
الثالث : أن استشهاد الكوفيين بالبيت على ما ذهبوا إليه لا يجوز إلا على الرواية الرابعة ، وهى «وليس كل النوى تلقى المساكين».
الرابع : أن البيت يحتمل على الرواية الرابعة وجها من الإعراب غير ما أعربه عليه الكوفيون.
الخامس : أن استدلال الكوفيين بالبيت لم يتم ؛ لأن الدليل متى تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال ، وأنت خبير أن الاستدلال والاستشهاد غير التمثيل.