والنقل من الكتاب والسنة ، فلم يبق إلا ظاهر دعوى الإجماع من ابن إدريس ، ودعوى رواية الأصحاب منه (١) ومن المبسوط (٢) ، وهي أيضاً معارضة بدعوى السيّدين (٣).
فالأقوى العمل على عدم الفرق ، وفاقاً للمعتبر (٤) وجماعة المتأخرين (٥).
الثاني : ما كانت المسافة أربعة فراسخ ولم يرد الرجوع ليومه فقال الشيخ وابن حمزة : يتحتم الصوم ، والتخيير في الصلاة بين القصر والإتمام ، إلا أن ابن حمزة شرط في التخيير إرادة الرجوع من الغد ، والمشهور الأقوى عدم الفرق.
لنا : العمومات والأخبار المتقدّمة.
ولعلّهما نظراً إلى أنّ العمومات الواردة في التقصير ما بين مصرّح بتقصير الصلاة وظاهر فيه ؛ لأن التقصير ظاهر في الصلاة ، وإطلاقه على الإفطار تغليب ومجاز.
وأما مثل صحيحة عمار بن مروان (٦) وغيره (٧) مما ذكر فيه الإفطار فقصارى ما يدلّ عليه أنّ السفر مما يوجب الإفطار ، وأما أنّه أيّ سفر فكلا.
وأما صحيحة معاوية بن وهب (٨) وما في معناها (٩) فظاهرها إرادة الحتم واللزوم ، يعني : متى ما قصرت حتماً أفطرت حتماً ، لأمتي ما قصّرت تخييراً أفطرت حتماً ، والمفروض أنّ مذهبهما في الأربعة فراسخ المذكورة التخيير في القصر.
وفيه : أنّ قوله تعالى (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ) (١٠) يقتضي تبديل هذه الأيام بأيام
__________________
(١) السرائر ١ : ٣٢٧.
(٢) المبسوط ١ : ١٣٦.
(٣) الانتصار : ٥١ ، الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٧٣.
(٤) المعتبر ٢ : ٤٧١.
(٥) كصاحب المدارك ٦ : ٢٩١.
(٦) الكافي ٤ : ١٢٩ ح ٣ ، الفقيه ٢ : ٩٢ ح ٤٠٩ ، التهذيب ٤ : ٢١٩ ح ٦٤٠ ، الوسائل ٥ : ٥٠٩ أبواب صلاة المسافر ب ٨ ح ٣.
(٧) الوسائل ٧ : ١٣٠ أبواب من يصح منه الصوم ب ٤.
(٨) الفقيه ١ : ٢٨٠ ح ١٢٧٠ ، التهذيب ٣ : ٢٢٠ ح ٥٥١ ، الوسائل ٧ : ١٣٠ أبواب من يصح منه الصوم ب ٤ ح ١.
(٩) الوسائل ٧ : ١٣٠ أبواب من يصح منه الصوم ب ٤ و ٥.
(١٠) البقرة : ١٨٥.