اجتماعهما من جهة واحدة ، وقد حقّقنا المقام وبسطنا الكلام في ذلك في القوانين المحكمة من أراده فليراجعه (١).
والدليل على رجحان مطلقه : هو الإجماع ، والآية (٢) ، والأخبار ، وقد مرّ بعضها في صدر الكتاب.
منها : الخبر النبوي : «الصوم جُنّة من النار» (٣).
قال في الصحاح : الجُنّة بالضم ما استترت به من سلاح ، والجُنة السترة (٤).
قال في المسالك : المراد به مُوجب للمغفرة والعفو عن الذنب الموجب للنار زيادة على غيره من العبادات ، وإلا فكلّ واجب يقي من النار المستحَقّة بتركه ، وكلّ مندوب يُرجى به تكفير الصغائر الموجبة لها ، كما قال سبحانه (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) (٥) فقد ورد : «أنّ أعمال الخير من الصوم والصلاة وغيرها تكفّر الذنوب الصغائر» (٦) و (٧).
أقول : استعمال الجُنّة إنّما هو لدَفع سلاح الخَصم الحاصل بالفعل ، وهو في الواجبات على ما ذكره غير مناسب ؛ لأنّ قبل ترك الواجب لم تُخاصمه نار بالفعل ، وإنّما تُخاصمه لو ترك الواجب ، وحينئذ فلا تبقى جُنة تحفظه عن ناره المرتبة عليه.
مع أنّه لا مانع من كونِ فعل الواجب دافعاً للنار المهيأة له بالفعل بسبب آخر ، ومع ذلك فالعمل على إرادة كونه ساتراً عن النار زائداً عن غيره لا يخلو من بُعد.
ويمكن أن يكون المراد : أنّه جُنة من نار الشهوات المفضية إلى النار ، أو مع
__________________
(١) القوانين ١ : ١٤٠.
(٢) البقرة : ٤٥.
(٣) الكافي ٤ : ٦٢ ح ١ ، الفقيه ٢ : ٤٤ ح ١٩٦ ، الوسائل ٧ : ٢٨٩ أبواب الصوم المندوب ب ١ ح ١.
(٤) الصحاح ٥ : ٢٠٩٤.
(٥) هود : ١١٤.
(٦) مجمع البيان ٣ : ٢٠٠.
(٧) انتهى المنقول من المسالك ٢ : ٧٤.