أن يَخرج لكلّ شُغل ديني ، كحضور الجمعة ، وعيادة المرضى ، أو دنيوي ، كلقاء السلطان ، واقتضاء الغريم ، قال : ولا يَبطل التتابع بشيء من ذلك عند الشافعي ، وشرط في الشغل الدنيوي الإباحة ، وللشافعيّة وجه آخر أنه لا يشترط (١).
ثمّ قال : ولا عبرة بالنزهة ؛ لأنها لا تُعدّ من الأشغال ، ولا يُعتنى به ، ولو قال : إن عرض لي عارض قطعت الاعتكاف ، فالحكم كما لو شرط ، إلا أنه في شرط الخروج يَلزمه العَود عند قضاء الحاجة ، وفيما إذا قصد القطع لا يلزمه ، وكذا لو قال : عليّ أن اعتكفَ رمضان ، إلا أن أمرض أو أُسافر ، فإذا مرض أو سافر فلا شيء عليه.
ثمّ قال : هل يجب تدارك الزمان المصروف إليه في هذا الغرض؟ يُنظر إن نذر مدّة غير معيّنة ، كشهر مطلق ، أو عشرة مطلقة ، فيجب التدارك ؛ لتتم المدة المنذورة ، وتكون فائدة الشرط تنزيل الغرض منزلة قضاء الحاجة في أنّ التتابع لا ينقطع به ، وإن عيّن المدة ، فنذر اعتكاف هذه العشرة ، أو شهر رمضان ، لم يجب التدارك ؛ لأنه لم ينذر اعتكاف ما عدا ذلك الزمان من العشرة (٢) ، انتهى ما أردنا نقله منها.
أقول : ويظهر منه رحمهالله أنّ مسألة قصد الخروج غير مسألة قصد الإعراض ، وما قدّمناه سابقاً إنما كان في مسألة الإعراض.
وأما مسألة قصد الخروج ، فإن كانت من المستثنيات المتقدّمة ، فلا إشكال فيها ؛ للأدلّة الدالة عليها.
وأما في المباحات ؛ كالأكل في البيت والمبيت فيه على إشكال ، فيظهر منه رحمهالله تجويزه ، ويظهر من كلامه بملاحظة أوّله واخره أنه لا يفرّق بين المنذور والمندوب في جواز شرط الخروج في نية المندوب ، وفي عقد النذر في المنذور ؛ لأنه من قبيل شرط الوقف ، وهو بجعل المكلّف ، ولعلّه للأصل وعموم المؤمنون عند شروطهم وأمثال ذلك. وعدم ثبوت العموم في أدلّة المنع عن الخروج حتّى في صورة الشرط ،
__________________
(١) انظر المجموع ٦ : ٥٣٧ ، وفتح العزيز ٦ : ٥٢٠.
(٢) التذكرة ٦ : ٣٠٩ ـ ٣١٢.